الذي قالوه بأفواههم، ولم يتصل بعقولهم، وقلوبهم، ولم يؤثر فى مشاعرهم ووجداناتهم.. وهم فريقان: فريق دخل فى التجربة، فكشفت التجربة عن نفاقه.. وفريق ما زال ينتظر التجربة التي تفضحه وتعرّيه من هذا الثوب الزائف الذي استتر به، وهو لا بد أن يتعرى ويفضح فى يوم من الأيام:
ثوب الرياء يشفّ عما تحته ... فإذا التحفت به فإنك عار
هو بيان لما فى قلوب هؤلاء المنافقين من نفاق.. فهم مؤمنون، إذا كانت ريح الإيمان تدفع سفينتهم إلى الوجهة التي يريدونها.. وهم غير مؤمنين، إذا تعارضت ريح الإيمان مع أهوائهم وشهواتهم..
إنهم لا يرضون حكم الله ورسوله فيهم، ولا يقبلون ما قضى به كتاب الله فى شأن من شئونهم، إذا كان ذلك الحكم مما لا يرضيهم.
وفى الحديث عن هؤلاء المنافقين عموما، ثم الإشارة إلى فريق منهم- فى هذا إشارة إلى أنهم كيان واحد، من الضلال، والفساد.. وأنه لا فرق بين من يمتحن منهم، ومن لا يمتحن، وبين من يدعى إلى حكم الله ومن لا يدعى.
إنهم جميعا عصابة لصوص، دخلت فى حظيرة الإسلام، فإذا ضبط الإسلام بعضهم متلبسا بجرمه، فليس ذلك بالذي يبرىء ساحة هؤلاء الذين لا يزالون بعيدين عن قبضة الإسلام، حيث لم يفتضح نفاقهم بعد! إنهم على طريق الفضيحة.. إن لم يكن اليوم، فغدا، أو بعد غد! وقوله:«إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» .
فى عطف الرسول على لفظ الجلالة «اللَّهِ» سبحانه وتعالى، تشريف لمقام الرسول ورفع لقدره.. وأنه إنما يقضى بما قضى الله به، فحكمه من حكم الله، وطاعته، طاعة الله.