وليست الدعوة إلى النظر لمجرد النظر، وإنما هى دعوة إلى نظر متدبّر، متأمل، يأخذ العبرة والعظة مما يقع له.. فمن هذه الرحمة المنزّلة من السماء، تغيّر وجه الأرض، وسرت الحياة في أوصالها الميتة، وإذا هى أمّ ولود، تلد مواليد عجبا من كل جنس، وكل لون.. ثم إذا امتد نظر الإنسان إلى أبعد من هذا وجد أن هذه الحياة التي قامت من هذا التراب الهامد، ليس بالمستغرب ولا المستبعد أن تلبس هذه الأجسام التي ضمها التراب في كيانه، وجعلها بعضا منه.. «إِنَّ الَّذِي أَحْياها.. لَمُحْيِ الْمَوْتى»(٣٩: فصلت) .. فهذا من ذاك سواء بسواء..
- وقوله تعالى:«إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى» - الإشارة هنا إلى الله سبحانه وتعالى، وفي الإشارة إليه سبحانه، إشارة إلى قدرته، وإلى مقامه، وإلى تفرده وحده سبحانه بهذا الأمر، وهو إحياء الموتى.
إشارة إلى أن هذه الرياح التي أرسلها الله بشرا بين يدى رحمته، وساق بها الحياة إلى عباده، يمكن أن يسوقها إليهم، وقد صفرت يداها من كل خير، بل ربما حملت معها السّموم والغبار.. فهذا وذاك بيد الله، ومن فعل الله..
وقد كان من الإيمان بالله، والرضا بمقدوره، أن يستقبل الناس هذه الريح العقيم بالصبر على قضاء الله، وبالطمع في رحمة الله، التي تعقب هذا البلاء..
ولكن كثيرا من الناس ينكرون الله في هذه الحال ويسخطون على ما أصابهم به! والضمير في قوله تعالى «فَرَأَوْهُ» يعود إلى الناس جميعا، حيث يغلب