الفاء في قوله تعالى «فَإِنَّكَ» سببية، وما بعدها مسبب عن فعل محذوف تقديره- والخطاب للنبى-: اصرف نظرك عن هؤلاء المشركين، أو دع هؤلاء المشركين وما هم فيه من ضلال.. أو نحو هذا.. «فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ» وهؤلاء موتى، وإن كانوا أحياء..
إنهم موتى المدركات، والمشاعر.. وإن أردت أن تحسبهم في الأحياء، بما لهم من صور آدمية متحركة- فإنهم صم لا يسمعون، لأن ما يلقى إليهم من كلمات الله لا تصغى إليه آذانهم، ولا تقبله عقولهم.. لقد تعطلت منهم حاسة السمع فلا يسمعون خيرا، ولا يستجيبون لخير..
ثم إنه قد لا يستمع الإنسان لغيره، ولا يتقبل نصح ناصح، ولا هداية هاد، ويكون له مع ذلك، نظر يهديه، ويكشف له معالم الطريق إلى الحق والخير.. ولكن هؤلاء المشركين، عمى لا يبصرون شيئا، ولا يسلمون أيديهم إلى المبصرين، حتى يأخذوا بهم إلى طريق مستقيم، فلا يضلون، ولا يتعثرون..