للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الجن كائنات محدودة القدرة، واقعة فى قيد العجز عن كثير من الأمور، شأنها فى هذا شأن الإنسان.. الذي يقدر على القليل، ويعجز عن الكثير.

وقد كثرت الأقوال فى دابة الأرض، وفى المدة التي قضتها حتى أكلت العصا، وأتت عليها.. والرأى الذي عليه المفسرون أنها الأرضة، وهى دودة تتسلط على الخشب، فتنخر فيه وتفسده، وتسمّى «السوس» .. وأنها ظلت تفعل هذا مدة طويلة، بلغ بها بعضهم سنة! والذي حمل المفسرين على القول بأن الدابة هى الأرض- هو- في ظننا- إضافة الدابة إلى الأرض.. أي أنها صغيرة ضئيلة، ملتصقة بالأرض..

كبعض الحشرات..

والرأى عندنا، أن الدابة، كل ما دبّ على الأرض.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى «وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها» فكل ما دبّ على الأرض، من إنسان وحيوان، فهو دابة، وكونها فى الأرض، أو على الأرض، لا يغير من الأمر شيئا، وأنه إذا كان لإضافتها إلى الأرض هنا شأن خاص، فهو- والله أعلم- المبالغة فى الإشارة إلى جهل الجنّ بعلم ما فى الغيب، وأن دابة من دوابّ الله فى الأرض، أعلم منهم، حيث دلتهم، وكشفت لهم عما عجزوا وهم عن كشفه، وهى مما على الأرض، فكيف بما فى السماء من عوالم المخلوقات؟

وليس ببعيد أن تكون الدابة التي كانت تأكل من عصا سليمان، شيئا أكبر من الأرضة، وليس ببعيد ألا تكون الدابة واحدة، بل أعدادا كثيرة من نوع هذه الدابة.. فإن اللفظ يحتمل هذا..

وعلى هذا، فالذى يمكن أن تفهم عليه دابة الأرض، هو أن تكون هذه الدابة حيوانا كبيرا مما يدب على الأرض، ويمكن أن يتناول العصا بفمه، ويحاول الأكل منها، كبعض الحيوانات آكلة العشب، مع احتمال أن تكون

<<  <  ج: ص:  >  >>