للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عصا سليمان من بعض أغصان الزيتون الخضراء، التي لم تجفّ بعد.. فليس ببعيد- والأمر هكذا- أن تكون هناك شاة أو نحوها قد تمسّحت به، ومدت فمها إلى العصا، تريد الأكل منها، فوقعت العصا وخرّ سليمان إذ كان ميتا..

أما أن يظل سليمان هذا الزمن الطويل الذي يتجاوز الأيام إلى الأسابيع والشهور، وهو نائم، دون أن يفتقده أحد من رعيته، وأعوانه، ووزرائه، وقواده، فذلك ما لا يقبله العقل، وإن قيل أن جثته لم تتغير ولم تتحلّل خلال هذه المدة!! إنه من غير المعقول الذي يرتفع إلى درجة المستحيل، أن يغيب سليمان عن تدبير مملكته أياما، ثم لا يلتفت إليه أحد!! إن أي إنسان ذى شأن، لا يمكن أن تغفل عنه العيون يوما أو بعض يوم، فكيف بصاحب هذا السلطان العظيم؟

ويمكن كذلك أن تكون الأرضة قد كانت متسلطة على عصا سليمان، وهو لا يعلم، وأنه كان يحمل تلك العصا وقد عاث السوس فيها، حتى إذا كان متكئا عليها فى مجلس من مجالسه، لم تتحمل طول اتكائه عليها، فانكسرت به حين مات وثقل جسمه، كما هو الشأن فى كل ميت! والسؤال هنا: هل كان الجن لا يعلمون أنهم لا يعلمون الغيب حتى وقعت هذه الواقعة، وانكشف لهم منها أنهم معزولون عن علم الغيب؟

والجواب- والله أعلم- أنهم كانوا بما لهم قدرة على الحركة والانطلاق فى آفاق فسيحة، يظنون أنهم أقدر من الإنسان على النظر البعيد الذي يكشف ما سيأتى به الغد، بالنسبة للإنسان الذي لا يرى مثل هذه الرؤية البعيدة. فمثلا إنسان على طريق سفر يمكن أن تراه الجنّ، وتخبر عنه، وعن حاله على هذا الطريق، والحديث الذي يتحدث به، والأمتعة التي معه، وبعدكم من الزمن سيصل إلى المكان الذي يتحدث فيه أهله عنه.. كل هذه الأمور وكثير

<<  <  ج: ص:  >  >>