للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل إن إبراهيم- عليه السلام- حين تلقى هذه البشرى من ربه، رأى أن يكون شكره لله، على هذا الإحسان، وهذا اللطف، بالمبادرة بالاستجابة لما طلب- رأى أن يكون شكره لله أن يقدم هذا الولد قربانا لله.. وكانت تلك عادة أهل هذا الزمن، فى المبالغة فى التقرب إلى الله..

فلما رزق إبراهيم إسماعيل، وهو على نية التقرب به إلى ربه، متى بلغ مبلغ الرجال- رأى فى منامه وهو على تلك النية التي لم يحدد لها يوما معينا- رأى فى منامه أن يذبح هذا الابن، وكان قد بلغ معه السعى، أي صار قادرا على أن يعمل مع أبيه، وأن يسعى له فى بعض حاجاته.. فعرف إبراهيم من هذه الرؤيا أنها تذكير من الله سبحانه بالوفاء بما نذر، وأن يوم الوفاء قد جاء.. فكان هذا الحديث الذي جرى بين الأب وابنه..

«يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ.. فَانْظُرْ ماذا تَرى؟» إن الأمر أمر الله.. وإن لك فى هذا الأمر مثل الذي لى.. فإن رأيت أن تطيع أمر الله أطعت أنا أمر الله فيك، فما ذبحك بيدي بأقل ابتلاء لى من ابتلائك! فهل أنت مطيع لأمر الله؟ إن الأمر إليك فى هذا.. «فَانْظُرْ ماذا تَرى!» ؟

وماذا يرى الولد- وهو صورة من أبيه- إلا الامتثال لأمر الله، والطاعة المطلقة لحكمه فيه..؟

«قالَ: يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ. سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» إنه جواب المؤمن بالله، إيمانا لا يرى معه لنفسه حقّا إلى جانب ما لله فيه من حق.. إنه كلّه ملك لله، وللمالك أن يتصرف كما يشاء فيما ملك..

<<  <  ج: ص:  >  >>