خولناه نعمة: أي آتيناه نعمة، صار بها من أصحاب الوجاهة والرياسة..
وأصلها من الخيلاء والعجب.. ومنها «الخال» وهو الشامة السوداء التي تزين الوجه الحسن، وتزيده حسنا..
والفاء فى قوله تعالى:«فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا» - هى فاء العطف، للتفريع على قوله تعالى:«وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ» ، أي فكان من استهزائهم بالحق أن الإنسان منهم إذا أصابه ضر دعا ربه.. ثم إذا كشف الله الضرّ عنه، وخوله نعمة من نعمه، تنكر لله، ولم يذكر أن هذه النعمة من عند الله، بل قال إنما أوتيت ما أوتيت عن علم منّى..
إن ذلك كان بحولي وحيلتى.. وهذا من ضلال العقل، وخداع النفس.. فلو أن هذا الجهول كان يملك أن يجلب لنفسه نفعا، لكان يملك أن يدفع عن نفسه كل ضر ينزل به، ولما كان له أن يدعو الله عند كل ضر يقع له.. فهل يظن هذا الجهول أن الله يملك الضر ولا يملك النفع؟ ولكنها سكرة النعمة تلبس الأحمق الجهول، فإذا هو فيها مارد جبار يخيل إليه أنه يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا! ثم إن هذا الجبار، يشاك بشوكة أو يحتبس له بول، ليوم أو بعض يوم، فإذا هو ذليل مهين، يصرخ صراخ الأطفال، ويئنّ أنين الثّكلى! وقوله تعالى:«إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ» .. الضمير فى أوتيته، يعود إلى المال الذي جمعه، فهو لا يرى النعمة إلا مالا، أما غير المال من نعم الله، فلا يلتفت إليه..