وقوله تعالى:«بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ» أي هذه النعمة، هى فتنة وابتلاء، فكما يبتلى الله بالشر، يبتلى كذلك بالخير، كما يقول سبحانه:«وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»(٣٥: الأنبياء) .
أي قد قال مثل هذه القولة الضالة الآثمة أقوام كثيرون قبل هؤلاء المشركين.. قد قالها قارون، إذ قال:«إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي» بل وقال أشنع منها، ذلك الذي حاجّ إبراهيم فى ربه:«إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ.. قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ» ! (٢٥٨: البقرة) فماذا كان وراء هذا الضلال فى الرأى؟ لم يكن إلا الخيبة والخسران، فقد أهلك الله الضالين، وأخذهم البلاء من حيث لا يشعرون.. فما كان لهم من هذا الذي بين أيديهم ولىّ ولا نصير.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا، وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا.. وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ» .
وفى قوله تعالى:«وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا» تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين الظالمين من قريش، وأنهم سيقع بهم ما وقع بالظالمين قبلهم «سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا»(٦٢: الأحزاب) .
فالله سبحانه لا يبدل سنته مع هؤلاء الظالمين «وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ» أي لن يعجزوا الله، ولن يفلتوا من عقابه، وهو القوىّ العزيز.