للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى:

«وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» .

هو إلفات إلى المؤمنين بأنهم مع الرسول، فى حراسة من السماء، وأنه قائم فيهم، يكشف ما يقع على طريقهم من خيانات الخائنين، وأراجيف المرجفين..

ولكن الأمر سيختلف بعد وفاة النبىّ، ويكون عليهم حينئذ أن يتدبّروا أمرهم بأنفسهم، وأن يتثبتوا من الأخبار التي تحمل إليهم..

وقوله تعالى: «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ» توجيه للمسلمين ألّا يقدّموا بين يدى الله ورسوله، وأن ينتظروا بالأمر غير الجلّى الذي بين أيديهم، حتى يبينه الرسول لهم، فإن من الغبن والضلال معا، أن يتخبط المرء فى الظلام وهناك مصباح سماوىّ مضىء، يكشف له كل خافية، ويجلى له كل خفىّ..

وقوله تعالى: «لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ» .. بيان لما بين النبىّ وبين المسلمين من فرق بعيد، فى حكمه على الأمور، وحكمهم عليها..

فالنبى، يرى بنور الله، ويهتدى بهدى الله، فإذا قضى فى الأمر كان قضاؤه الحق، وحكمه العدل والخير والإحسان.. أما ما يقضى به المسلمون فى أمورهم، فهو قضاء قائم على مستوى الفهم البشرى، الذي قد يصيب وقد يخطىء..

ومن هنا كان على المؤمنين- ما دام الرسول فيهم- ألا يقطعوا أمرا ذا بال دونه، وألا يخرجوا عن أمر يدعوهم إليه، فإنهم إن فعلوا، وأكرهوا الرسول على أمر لم يكن موضع رضا منه- لم يجئهم من هذا الأمر إلا ما فيه إعنات لهم، وإلّا أصابهم منه ما لا يحبون..

<<  <  ج: ص:  >  >>