للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين حبب الله إليهم الإيمان، وزينه فى قلوبهم، وكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان.. فهؤلاء المؤمنون هم الراشدون، الذين قام أمرهم على الرشد والخير والفلاح..

وفى العدول عن الخطاب إلى ضمير الغيبة عند الإشارة إلى هؤلاء المؤمنين- فى هذا إلفات إليهم، وإلى علوّ مقامهم، وأنهم بحيث ترنو الأبصار إليهم، وتمتد مطارح النظر نحوهم.. حتى لكأنهم- وهم فى مقام الحضور أجسادا- هم بعيدون منزلة ومقاما..

قوله تعالى:

«فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» - أي أن هذا الذي سكبه الله سبحانه وتعالى فى قلوب المؤمنين من حب الإيمان، وتزيينه فى قلوبهم، ومن كراهية الكفر، وما يجر وراءه من فسوق وعصيان- هو فضل من الله ونعمة أنعم بها على عباده المؤمنين.. «وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» ينزل فضله، ويوفد روافد نعمه حيث قضت حكمته المؤاخية لعلمه، الذي لا تخفى عليه خافية.

قوله تعالى:

«وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» .

كانت الآيات السابقة دستورا فى الأدب للمسلمين مع النبي، ثم دستورا بين المسلمين وبين أعدائهم الذين يدسّون عليهم الأخبار الكاذبة..

وفى هذه الآية وما بعدها دستور من الأخلاق، والأدب والسياسة، فيما بين المسلمين أنفسهم..

<<  <  ج: ص:  >  >>