وإلا فأين ثمارها اليانعة، وزروعها الناضجة؟ كلا إنهم ضلوا الطريق إليها، وهم يركبون بقية من ظلام الليل نحوها!! وإذن فأين الطريق إلى الجنة؟ وهنا يكثر تلفت القوم، ويطول وقوفهم، ثم تستبين لهم الحقيقة، وأنهم لم يضلوا الطريق إلى جنتهم.. إنهم يقفون إزاءها، كما يقف المسافرون على رسوم الديار، وأطلال المنازل..
وقوله تعالى:«بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ» هو إضراب على قولهم: «إِنَّا لَضَالُّونَ» ..
فهم- وقد عرفوا الحقيقة- ليسوا ضالين عن الطريق إلى جنتهم.. إنها هى، هى، وإن تبدلت أحوالها، وتغيرت معالمها، وذهب كل خير كان فيها..
فهم ليسوا ضالين عنها إذن، وإنما هم محرومون من ثمرها، الذي لا يدرون إلى أين ذهب! قوله تعالى «قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ؟ لَوْلا تُسَبِّحُونَ» وهنا يأخذ القوم فى مراجعة أمرهم على ضوء هذه الحقيقة التي تكشفت لهم، ويكثر بينهم الأخذ والردّ.. ويمسك القرآن من حديثهم باللّباب منه، ضاربا صفحا عما لا غناء فيه، في هذا الموقف..
ومما رآه القرآن مستحقّا للذكر من أحاديثهم، هو قول أوسطهم، وهو أقربهم إلى الخير والحق.. ففى كل جماعة- أيّا كانوا من الضلال والسفه- بعض النفوس التي لا تخلو من خير، وبعض العقول التي لا تحرم الرؤية السليمة للأمور، فى وسط هذا الضلال المنعقد حولها..
ففى بيئة فرعون- على ما كان بها من إغراق في الضلال- كانت امرأة فرعون، وكان مؤمن آل فرعون، وقد جعل القرآن لهما ذكرا طيبا في المذكورين من