[الأعراف: ١٥٨] فإنه لو وجب مغايرة المعطوف للمعطوف عليه لزم أن تكون الكلمات غير الله تعالى، وكل ما كان غير الله تعالى فإنه محدث ومخلوق فكلمات الله مخلوقة. وقال القاضي: اتفق المفسرون على أنه ليس المراد بهذا الأمر كلام الله تعالى بل المراد به نفاذ إرادته وإظهار قدرته، وقال قوم: لا يبعد أن يقال الأمر داخل في الخلق ولكنه من حيث كونه أمرا يدل على نوع آخر من الكمال والجلال، والمعنى له الخلق والإيجاد في المرتبة الأولى. ثم بعد الإيجاد والتكوين له الأمر والتكليف في المرتبة الثانية. وقال آخرون: معنى قوله: أَلا لَهُ الْخَلْقُ أنه إن شاء خلق وإن شاء لم يخلق، فقوله:
وَالْأَمْرُ يجب أن يكون معناه إن شاء أمر وإن شاء لم يأمر، ويلزم منه أن يكون الأمر محدثا مخلوقا لأنه لو كان قديما لم يكن ذلك الأمر بحسب مشيئته بل كان من لوازم ذاته فلا يصدق أنه إن شاء أمر وإن شاء لم يأمر هذا خلف. وأجيب بأنه لو كان الأمر داخلا تحت الخلق لزم التكرار والأصل عدمه فلا يصار إليه إلا للضرورة ولا ضرورة هاهنا. الخامسة في الآية دلالة على أنه ليس لأحد أن يلزم غيره شيئا إلا الله، ففعل الطاعة لا يوجب الثواب، وفعل المعصية لا يوجب العقاب، وإيصال الألم لا يوجب العوض. السادسة دلت الآية على أن القبيح لا يجوز أن يقبح لوجه عائد إليه، وأن الحسن لا يحسن لأمر عائد إليه وإلا لم يأمر إلا بما حصل فيه وجه الحسن ولم ينه إلا عما حصل فيه وجه القبح، فلا يكون متمكنا من الأمر والنهي كيف شاء وأراد هذا خلف. السابعة أطلق الخلق والأمر فيعلم أنه لو أراد خلق ألف عالم بما فيه من العرش والكرسي والكواكب في أقل من لحظة لقدر عليه، لأن هذه الماهيات ممكنة والحق قادر على كل الممكنات. الثامنة قال قوم: الخلق صفة من صفات الله تعالى وهو غير المخلوق لأن أهل السنة يقولون: معنى قوله: الْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ أنه صفة له فكذا الخلق صفة قائمة بذاته فلا يكون مخلوقا، وأجيب بأن الخلق لو كان غير المخلوق فإما أن يكون قديما ويلزم من قدمه قدم المخلوق، وإما أن يكون حادثا فيفتقر إلى خلق آخر ويتسلسل، ويمكن أن يقال: الصفة قديمة والتعلق حادث. التاسعة له الأمر يقتضي أن لا أمر إلا لله.
وقول النبي صلّى الله عليه وآله:«إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم»
لا ينافي ذلك لأن الموجب لأمره في الحقيقة هو أمر الله تعالى، العاشرة في الآية دلالة على أن الله تعالى أمرا ونهيا على عباده والخلاف مع نفاة التكليف. قالوا: إن كان التكليف معلوم الوقوع كان واجب الوقوع فكان الأمر به تحصيلا للحاصل، وإن كان غير معلوم الوقوع كان ممتنع الوقوع فكان الأمر به أمرا بما يمتنع وقوعه وهو محال. وأيضا إنه تعالى إن خلق الداعي إلى فعله كان واجب الوقوع وإلا فلا فائدة في الأمر به. وأيضا