بالواو وبغيرها كقوله: غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ [غافر: ٢] أو المراد أن الموصوفين بالصفات الستة هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ويكون فيه ترغيب في الجهاد لأن رأس المعروف الإيمان بالله ورأس المنكر الكفر به والجهاد يوجب حصول الإيمان وإزالة الكفر، أو النهي عن المنكر أصعب أقسام التكاليف لإفضائه في الأغلب إلى الخصومة وثوران الغضب فأدخل عليه الواو تنبيها على هذه المخالفة والمباينة. ولبعض النحويين جواب عام يشمل هذه الآية وما في «الكهف» في قوله: وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ [الآية: ٢٢] وما في «الزمر» في قوله في ذكر الجنة وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الآية:
٧٣] وما في «التحريم» في قوله: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [الآية: ٥] وذلك أنهم سموا هذه الواوات واو الثمانية قائلين إن السبعة نهاية العدد ولهذا أكثر ذكرها في القرآن والأخبار.
فالثمانية تجري مجرى استئناف كلام فلهذا فصل بالواو. وأما قوله: وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ فكإجمال بعد تفصيل وذلك أن التكاليف إما أن تتعلق بمصالح الدين وهي باب العبادات من الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والإعتاق والنذر ونحوها، أو بمصالح الدنيا وهي المعاملات. وإنها إما لجلب المنافع أو لدفع المضار والمنافع إما أن تكون مقصودة بالأصالة أو بالتبعية. فالمقصودة بالأصالة هي المنافع الحاصلة من طرق الحواس الخمس وهي المذوقات ويدخل فيها كتاب الأطعمة والأشربة والصيد والذبائح والضحايا، والملموسات ويدخل فيها باب أحكام الوقاع فمنها ما يفيد حله كالنكاح والرضاع وما يتبعهما من المهر والنفقة والسكنى وأحوال القسم والنشوز، ومنها ما يوجب إزالته كالطلاق والخلع والإيلاء والظهار واللعان، ومن أحكام الملموسات البحث عما يحل لبسه واستعماله وعما لا يحل كالأواني الذهبية وغيرها. والمبصرات وهو باب ما يحل النظر إليه وما لا يحل، والمسموعات وهو باب ما يحل سماعه وما لا يحل، والمشمومات وقد قيل إنه ليس للفقهاء فيه مجال، ويحتمل أن يقال إن منها جواز استعمال الطيب في بعض الأوقات ومنعه في بعضها كحالة الإحرام. ومنها ما يكره كأكل البصل والثوم للمصلي بالجماعة في المسجد. والمنافع المقصودة بالتبعية هي الأموال والبحث عنها إما من جهة الأسباب المفيدة للملك كالإرث والهبة والوصية وإحياء الموات والالتقاط وأخذ الفيء والغنائم والزكاة، وكالبيع بين العين بالعين أو بيع الدين بالعين وهو السلم أو بالعكس كما إذا اشترى شيئا في الذمة أو بيع الدين بالدين وهو بيع الكالئ بالكالئ المنهي عنه إلا عند تقاص الدينين، أو من جهة الأسباب المفيدة للمنفعة كالإجارة والجعالة وعقد المضاربة، أو من جهة الأسباب التي توجب لغير المالك التصرف فيه كالوكالة والوديعة، أو من جهة الأسباب التي تمنع المالك التصرف في ملكه كالرهن والإجارة والتفليس. وأما دفع المضار