للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِآياتِنا

وكذلك في «الأعراف» راعى المناسبة لأن ما قبله وَلكِنْ كَذَّبُوا [الآية: ٩٦] بغير الباء ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ بعد الرسل أو الأمم بِآياتِنا يعني الآيات التسع فَاسْتَكْبَرُوا عن قبولها وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ كفارا ذوي آثام ولذلك اجترءوا على رد الآيات. أما قوله: أَسِحْرٌ هذا فليس بمقول لقوله: أَتَقُولُونَ لأنهم قطعوا في قوله:

إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ بأنه سحر، وما استفهموا ولكن الوجه فيه أن يقال: إن القول هاهنا بمعنى الطعن والعيب كالذكر في قوله: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ [الأنبياء: ٦٠] ومنه قولهم: فلان يخاف القالة أي مطاعن الناس فكأنه قال: أتعيبون الحق وتطعنون فيه؟ ثم أنكر عليهم قولهم فقال: أَسِحْرٌ هذا أو يقال: مفعول تقولون محذوف وهو قولهم إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ أو يقال: جملة قوله أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ حكاية لكلامهم كأنهم قالوا منكرين لما جاءا به أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح ولا يفلح السحرة، لأن حاصل صنيعهم تخييل وتمويه قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا التركيب يدل على الالتواء ومنه الفتل والالتفات «افتعال» من اللفت وهو الصرف واللي وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ أي الملك والعز في أرض مصر. قال الزجاج: سمى الملك كبرياء لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا. وأيضا فالنبي صلّى الله عليه وسلم إذا اعترف القوم بصدقه صارت مقاليد أمر أمته إليه وصار أكبر القوم. وقيل: لأن الملوك موصوفون بالكبر والحاصل أنهم عللوا عدم قبولهم دعوة موسى بأمرين: التمسك بالتقليد وهو عبادة آبائهم الأصنام، والحرص في طلب الدنيا والجد في بقاء الرياسة. ويجوز أن يقصدوا ذمهما وأنهما إن ملكا أرض مصر تجبرا وتكبرا. ثم صرحوا بالتكذيب قائلين وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ ثم حاولوا المعارضة وقد مرت تلك القصة في «الأعراف» . أما قوله: ما جِئْتُمْ بِهِ فمعناه الذي جئتم به هو السحر لا الذي سماه فرعون وقومه سحرا من آيات الله. قال الفراء: وإنما قال السحر بالألف واللام لأنه جواب الكلام الذي سبق كأنهم قالوا لموسى ما جئت به سحر. فقال موسى: بل ما جئتم به السحر. فوجب دخول الألف واللام لأن النكرة إذا عادت عادت معرفة. يقول الرجل لغيره: لقيت رجلا. فيقول له: من الرجل؟ ولو قال: من رجل؟ لم يقع في وهمه أنه يسأل عن الرجل الذي ذكره. ومن قرأ آلسحر بالاستفهام فما استفهامية مبتدأ وجِئْتُمْ بِهِ خبره كأنه قيل أي شيء جئتم به. ثم قال على وجه التوبيخ السحر أي أهو لسحر أو آلسحر جئتم به إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ بإظهار المعجزة عليه إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ لا يؤيده بجميل الخاتمة وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ يثبته بِكَلِماتِهِ بمواعيده أو بما سبق من قضائه أو بأوامره فَما آمَنَ لِمُوسى أي في أول أمره إِلَّا ذُرِّيَّةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>