بينهم إلى هذا الحد مع اشتراك الكل في الضروريات البشرية من الحاجة إلى الأكل والشرب والوقاع وغير ذلك. الثانية التمسك بطريقة التقليد وذلك قولهم: تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا الثالثة إنكارهم دلالة المعجزة على الصدق. وعلى تقدير التسليم زعموا أنهم ما أتوا بحجة أصلا لاعتقادهم أن معجزاتهم من جنس الأمور المعتادة، فاقترحوا سلطانا مبينا أي برهانا باهرا وحجة قاهرة. ثم إن الأنبياء سلموا أنهم بشر مثلهم ولكنهم وصفوا أنفسهم بمزية من عند الله بطريق المنة والعطية، وبهذا استدل من جعل النبوّة محض العطاء من الله. أجاب المخالف بأنهم لم يذكروا فضائلهم النفسانية والجسمانية تواضعا منهم، ولأنه قد علم أنه لا يختصهم بتلك الكرامة إلا وهم أهل لها لخصائص فيهم. وأما الشبهة الثانية فإنما لم يذكروا الجواب عنها لأن صحة النبوّة تهدم قاعدة التقليد، وأما الشبهة الثالثة فجوابها وَما كانَ لَنا أي ما صح منا أن نأتي بآية اقترحتموها من تلقاء أنفسنا وإنما ذلك أمر يتعلق بمشيئة الله. والظاهر أن الأنبياء لما أجابوا عن شبهاتهم بما أجابوا فالقوم أخذوا في السفاهة والتخويف وعند ذلك قالت الأنبياء وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ إلى قوله: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ قال علماء المعاني: الأول لاستحداث التوكل، والثاني للسعي في إبقائه وإدامته. وقيل: معنى الأول أن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله لا علينا، فإن شاء أظهرها وإن شاء لم يظهرها. ومعنى الثاني إبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم. وفي قولهم: وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا إشارة إلى ما سهل الله عليهم من طريقة التكميل والإرشاد وتحمل أعباء الرسالة والصبر على متاعبها، فإن تأثير نفوسهم في عالم الأرواح كتأثير الشمس في عالم الأجسام بالإضاءة والإنارة، وقد عرفوا بالنفوس المشرقة والأنوار الإلهية أو بالوحي الصريح أنه تعالى يعصمهم من كيد الأعداء ومكر الحساد. وفي قولهم: وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا دليل على أن الصبر مفتاح الفرج ومطلع الخيرات ومثمر السعادات. أما قول الكفار للرسل: أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فقد مر البحث عليه في سورة الأعراف في قصة شعيب. وقال صاحب الكشاف: العود هاهنا بمعنى الصيرورة، حلفوا أن يخرجوهم البتة إلا أن يصيروا كافرين مثلهم فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ أجرى الإيحاء مجرى القول لأنه ضرب منه أو أضمر القول.
عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من آذى جاره ورّثه الله داره» .
ذلِكَ الذي قضى الله به من إهلاك الظالمين وإسكان المؤمنين ديارهم حق لِمَنْ خافَ مَقامِي يريد موقف الله الذي يقف به عباده يوم القيامة وهو موقف الحساب، أو