للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"تَعاهَدُوا هَذا القُرآنَ، فوَالذي نَفْسُ مَحَمدِ بيَدِهِ لَهُوَ أشَدُّ تَفَلُّتا مِنَ الإبل في عُقُلِها".

وروينا في "صحيحيهما" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما مَثَلُ صَاحِبِ القُرآنِ كَمَثَلِ الإبلِ المُعَقَّلةِ، إنْ عاهَدَ عَلَيها أمْسَكَها، وَإنْ أطْلَقها ذَهَبَتْ".

وروينا في كتاب أبي داود، والترمذي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عُرِضَتْ عَليّ

ــ

الجامع الصغير وخرجه الحافظ من طرق عديدة قوله: (تعاهدُوا هذَا القرآنَ) أي واظبوا على تلاوته وداوموا على تكرار دراسته كيلا ينسى. قوله: (عقُلهَا) بضم العين المهملة والقاف ويجوز إسكان القاف كنظائره وهو جمع عقال ككتاب وكتب والعقال الحبل الذي يعقل به البعير حتى لا يند ولا يشرد شبَّه

القرآن في حفظه بدوام تكراره ببعير أحكم عقاله ثم أثبت له التفلت الذي هو من صفات المشبه به أشده وأبلغه تحريضًا على مداومة تعهده وعدم التفريط في شيء من حقوقه ولم لا وهو الكلام القديم المتكفل لقارئه بكل مقام كريم وما هو كذلك حقيق بدوام التعهد وخليق باستمرار التفقد. قوله: (وروَينا في صحيحَه) وكذا رواه كما في الجامع الصغير أحمد في مسنده والنسائي وابن ماجة وكذا أخرجه ابن حبان وأبو نعيم وعند مسلم في رواية له وابن ماجة بلفظ مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه آناء الليل وآناء النهار كمثل صاحب الإبل أن عقلها حفظها وإن أطلق عنها ذهبت. قوله: (مثلِ صاحب القرآن) مثل بفتحتين أي صفة قال المصنف في شرح مسلم نقلًا عن القاضي عياض معنى صاحبَ القرآن الذي ألفه والمصاحبة المؤالفة ومنه فلان صاحب فلان وأصحاب الجنة وأصحاب النار وأصحاب الحديث اهـ. قوله: (كمثل صَاحب الابلِ الخ) لا ينافيه تشبيه القرآن فما مر لأنه كما شبه بها فيما مر شبه هنا صاحبه بصاحبها في احتياج كل منهما لتعهد ما عنده حتى لا يفقده فكما أن صاحب الإبل إن لم يحكم عقلها ذهبت ونفرت فلا يقدر على تحصيلها إلَّا بعد مزيد تعب ومشقة فكذا صاحب القرآن إن لم يتعهده بالتكرار آناء الليل وأطراف النهار انفلت منه فلا يقدر على عوده إلّا بعد غاية الكلفة والمشقة ففي الحديث الحث على تعاهد القرآن وتلاوته والحذر من تعريضه للنسيان.

قوله: (وَرَوَينَا في كِتَاب أَبِي دَاوُدَ والترمذي الخ) قال الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>