فصل: اعلم أن فضيلة الذِّكْر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كما
ــ
عند الصفا مجازاً ليطابق حديث البخاري أو تعدد جهره بذلك قال في زاد المسير وأما تفسيرها ففي المراد بالصلاة قولان "أحدهما" الصلاة الشرعية وعليه ففي المراد ستة أقوال: لا تجهر بقراءتك ولا تخافت بها فكأنه نهى عن شدة الجهر والمخافتة قاله ابن عباس وعليه فالتعبير عن القراءة بالصلاة إما من باب المجاز المرسل من إطلاق اسم الكل أي الصلاة وإرادة الجزء أي القراءة أو من حذف المضاف أي قراءة صلاتك أو لا تصل مراءاة الناس ولا تدعها مخافة الناس قاله ابن عباس أيضاً قلت وعلى هذا فيكون من خطابه - صلى الله عليه وسلم - بخطاب غيره كقوله:{فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ}[يونس: ٩٤] الآية إذ لا يتصور منه الرياء حتى ينتهي عنه، أو لا تجهر بالتشهد في صلاتك روي عن عائشة في رواية وبه قال ابن سيرين، أو لا تجهر بفعل صلاتك ظاهراً ولا تخافت بها شديد الاستتار قاله عكرمة، أو لا تحسن علانيتها وتسيء سريرتها قاله الحسن وغيره خاف أن ما سبق على القول الثاني من قولي ابن عباس يجري في هذا المكان، أو لا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بجميعها فاجهر في صلاة الليل وخافت في صلاة النهار على ما أمرناك به ذكره أبو يعلى "والقول الثاني" إن المراد بالصلاة الدعاء وهو قول عائشة وأبي هريرة ومجاهد اهـ، باختصار وتغيير يسير والصلاة حقيقتها لغة الدعاء والخلاف المذكور مبني على الخلاف عند أهل الأصول في أن اللفظ إذا ورد من الشارع هل يحمل على معناه اللغوي أو الشرعي والأصح الثاني ولا يلزم من البناء الاتفاق في الترجيح. ويطول المقال في هذا المقام أخرنا ما يتعلق بفضل السيدة عائشة من الكلام.
[فصل]
قوله:(بل كل عامل لله بطاعته فهو ذاكر) أخرج الواحدي في التفسير