الحمد لِلهِ الواحدِ القَهَّارِ، العزيزِ الغفار، مقدرِ الأقدار، مصرفِ الأمور، مكوِّرِ الليل على النهار، تبصِرةَ
ــ
قوله:(الحمد لله) سيأتي الكلام على الحمد في بابه إن شاء الله تعالى. قول:(القهار) ذكره عقب الواحد المستلزم له لأن مقام الخطبة مقام إطناب، وتنبيهاً على علو مقام الرهبة المنبئ عن أوصاف الجلال، المبني عليه كل شرف وكمال. قوله:(مقدر الأقدار) يصح فيه النصب على الحالية ولا يمنع منها إضافته بناء على جعلها لفظية، واسم الفاعل فيها للتجدد والحدوث، والجر على الوصفية، ويقدر الوصف فيه للثبوت والاستمرار فتكون الإضافة معنوية، أو على البدلية سواء كانت الإضافة لفظية أو معنوية، والأقدار جمع واحده قدر، وهو بفتح الدال مصدر قدر يقدر قدرًا، وقد يسكن، عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور، كذا في النهاية لابن الأثير. قول:(مكور الليل إلخ) في مفردات الراغب كور الشيء إدارته وضم بعضه إلى بعض ككور العمامة.
وقوله:" {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ}[الزمر: ٥] الآية" إشارة إلى جريان الشمس في مطالعها وانتقاص الليل والنهار وازديادهما. اهـ. وفي تفسير الواحدي {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} يدخل هذا على هذا، والتكوير هو طرح الشيء بعضه على بعض اهـ، وفي عبارة المصنف اقتباس كما لا يخفى على الأكياس، اكتفى بذكر تكوير الليل على النهار عن مقابله وإنما اقتصر عليه لأن الليل لخلوته وخلوه عن الاشتغال محل الاشتغال بالذكر والطاعة في الأقوال والأفعال فلذا عمم طلب الذكر في جميع أوقاته ولا كذلك النهار في قوله:{وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ}[طه: - ١٣٠]. ولذا فضل النفل المطلق فيه على نفل النهار وسيأتي لهذا مزيد. قوله:(تبصرة) أي تبصيراً وتبييناً وهما مصدرا بصر، المضعف