[باب في ألفاظ حكي عن جماعة من العلماء كراهتها وليست مكروهة]
اعلم أن هذا الباب مما تدعو الحاجة إليه لئلا يُغتَرَّ بقول
ــ
أن يكون الندم على ذلك البعض الذي يتحقق معه الترجيح لا لقبحه إذ لا يخرج الداعي بهذا الترجيح عن الاشتراك في كونه داعياً إلى الندم على القبيح لقبحه وقال بعضهم هذا الذي ذكره المعتزلة خروج عن المعقول ومناب الشرع فإن من بدرت منه بوادر وصدرت منه عظائم يصح في مجرى العادة التنصل من جماهيرها والاعتذار عنها مع الإصرار على شيء منها وقال غيره وما قاله المعتزلة مبني على أصلهم في التقبيح والتحسين العقلي ويرد عليهم قوله تعالى:{خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} وآيات أخر في معنى ذلك، وفصل بعض أصحابنا في ذلك فقال الحليمي تصح التوبة من كبيرة دون أخرى من غير جنسها ومقتضاه عدم الصحة إذا كانت من جنسها وبه صرح الأستاذ أبو بكر لكن قال الأستاذ أبو إسحاق يصح حتى لو تاب عن الزنى بامرأة مع الإقامة على الزنى بمثلها صح قال ابن القشيري وأباه الأصحاب قال وقال الإِمام: إن كان يعتقد أن العقوبة على إحداهما صحت التوبة من إحداهما دون الأخرى ثم قال الصوفية لا تكون توبة السالك مفتاحاً للمقامات حتى يتوب عن جميع الذنوب لأن كدورة بعض القلب واسوداده يمنع من السير إلى الله تعالى وقال في المقاصد التوبة الصحيحة عبادة لا يبطل ثوابها بمعاودة الذنب والتوبة ثانياً عبادة أخرى ولم يتعرض في الشرح لخلاف المعتزلة في هذه المسألة وسيأتي بسط لهذه المسألة في أوائل كتاب الاستغفار والخلاف في هذه المسألة لبعض أهل السنة نقل عن القاضي أبي بكر أنه ينقض توبته بواحد من الذنب الذي تاب منه وبهذا يعلم أن قول المصنف هذا مذهب أهل السنة مراده مذهب جمهورهم المعتمد عليه والله أعلم.
[باب في ألفاظ حكي عن جماعة من العلماء كراهتها وليست مكروهة]
أي في نفس الأمر ما استدلوا به للكراهة تارة وبطلانه أخرى. قوله: (يغتر بقول