روينا في سنن أبي داود بإسناد حسن عن عليٍّ رضي الله عنه قال: حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُتْمَ بعدَ احْتِلامٍ ولا صُماتَ يَوْمٍ إلى اللَّيلِ".
وروينا في "معالم السنن" للإمام أبي سليمان الخطابي رضي الله عنه قال في تفسير هذا الحديث: كان أهل الجاهلية من نُسكهم الصُّماتُ، وكان أحدهم يعتكف اليوم والليلة فيصمُت ولا ينطِق، فنهوا: يعني في الإسلام عن ذلك، وأمروا بالذكر والحديث بالخير.
وروينا في "صحيحي البخاري" عن قيس بن أبي حازم رحمه الله قال: دخل أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه على امرأة من أحمسَ يقال لها: زينب، فرآها لا تتكلَّم، فقال: ما لها لا
ــ
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت ... إن الكبائر في الغفران كاللمم
وفي ختم الدعاء بقوله (يا أرحم الراحمين) إيماء إلى أن العفو عن العباد وبذل الفضل عليهم والإمداد من محض الرحمة التي غلبت على سواها كما ورد "سبقت رحمتي غضبي" أي غلبته وزادت عليه والله أعلم.
[باب النهي عن صمت يوم إلى الليل]
أي عن التعبد بذلك وأما قوله تعالى حكاية عن مريم:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} أي صمتاً وسكوتاً عن الكلام فذاك شرع لمن قبلنا منسوخ في شرعنا. قوله:(لا يتم بعد احتلام) أي فيرتفع به أحكام الصبي من اليتم والحجر عليه في المال وعدم الاعتداد بأقواله ومثله في ذلك استكماله خمسة عشر عاماً وإن لم يحتلم وأقل ما يحتمل الاحتلام استكمال تسع سنين تقريباً. قوله:(ولا صمات)
بضم الصاد المهملة في المغرب يقال صمت صمتاً وصموتاً إذا سكت طويلاً أي لا يتعبد بذلك شرعاً. قوله:(على امرأة من أحمس يقال لها زينب) في أسد الغابة زينب بنت جابر الأحمسية كانت في زمن