قال الله تعالى:{وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت: ٣٦]،
ــ
إلا به، ودرمك رواه عن أبي إسحاق عن البراء اهـ. قوله:(رب الملائكةِ) بالجر على الاتباع كما هو المضبوط في الأصول المصححة ويجوز من حيث العربية رفعه ونصبه على القطع بتقدير مبتدأ في الأول وعامل ناصب في الأخير. قوله:(جُللتِ) هو بالجيم ثم اللام المشددة. قوله:(والجبرُوتِ) فعلوت من الجبر هو القهر فتاؤه زائدة وسبق الكلام على معظم ألفاظ الذكر في أذكار السجود.
[باب ما يقول من بلي بالوسوسة]
أي سواء كانت في الأمور الاعتقادية والأعمال البدنية وسواء كان منشأها من النفس أو من الشيطان وأصل الوسوسة الصوت الخفي وتطلق على حديث النفس والوسواس بمعناها كالزلزال والزلزلة وسمي به الشيطان في سورة الناس مبالغة كأنه نفسه وسوسة لشدة تمكنه من الآدمي ومقابلها الإلهام لأن ما يخطر بالقلب إن دعا لرذيلة فالوسوسة أو لطاعة فالإلهام فهو ما يقع من ذلك في القلب ويثلج له الصدر والأصح إنه ليس بحجة من غير المعصوم لأنه لا ثقة بخواطره ثم هي إما ضرورية وهو الخاطر الذي يقع في القلب من غير اختيار مع العجز عن دفعه وهذه معفو عنها في جميع الأمم بنص ({لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلا وُسْعَهَا] [البقرة: ٢٣٣] وإما اختيارية وهي ضد ذلك فإن كان ذلك الخاطر في ضميره من غير ترجيح لجانب الفعل أو الترك مع قدرته على دفعه فهذه معفو عنها اتفاقًا لهذه الأمة خاصة وأولى منها بالعفو ما يسبقها الهاجس والواجس ومحل العفو عن ذلك حيث لم يقع عزم مصمم على العمل بمقتضى ذلك الخاطر وإلا ففيه خلاف فكثير من الفقهاء والمحدثين رأوا إنه عفو أيضًا بظاهر حديث إن الله يتجاوز لأمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم وقال الباقلاني يؤخذ به فيأثم على تصميمه ويحمل نحو قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة على إن هذا فيمن هم ولم يصمم وقال القاضي عياض عامة السلف وأهل الفقهاء