المنكر له شرط وصفات معروفة ليس هذا موضع بسطها، وأحسن مظانها "إحياء علوم الدين"، وقد أوضحتُ مهماتها في "شرح مسلم"، وبالله التوفيق.
[كتاب حفظ اللسان]
قال الله تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨]. وقال الله تعالى:
ــ
{إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} قوله: (له شروط) بعضها لأصل طلبه بأن يكون المنكر عالماً بما ينكره وقد تقدم تفصيله وبعضها لجوازه بأن لا يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محذور أشد منه كأن عرف أنه متى أنكر عليه غصب درهم من الإنسان غلبه الحمق فغصب مائة أو قتل نفساً محترمة وبعضها لوجوبه بأن يأمن على نفسه وماله وتقدمت جملة صالحة من ذلك أوائل الباب. قوله:(مظانه) جمع مظنة بكسر الظاء كما تقدم نقله عن الحافظ عثمان. قوله:(وقد أوضحت مهماته الخ) وقد لخصت مهمه فيما تقدم أول الباب والله أعلم.
[كتاب حفظ اللسان]
أي عن محرم وجوباً وعما لا يعني ولو من مباح ندباً وقوله: حفظ اللسان من باب إضافة المصدر إلى مفعوله. قوله:(قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ} الخ) قال في النهر ظاهر ما يلفظ العموم قال مجاهد ويكتب عليه كل شيء حتى أنينه في مرضه وقال السيوطي في الإكليل استدل به ابن عباس على أنه يكتب كل ما يتكلم به حتى قوله: أكلت، شربت، ذهبت، جئت، أخرجه ابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عنه لكن أخرج الحاكم من طريق عكرمة عنه قال: إنما يكتب الخير والشر لا يكتب يا غلام أسرج الفرس ويا غلام اسقني الماء وجرى على الثاني الوارد من طريق عكرمة البيضاوي فقال: لعله أي الملك يكتب ما فيه من ثواب أو عقاب اهـ، وعلى هذا القول الثاني فالآية مخصوصة بالقول الثاني المترتب عليه ثواب أو عقاب وسبق في أول الكتاب في الكلام على الذكر القلبي عن المصنف إن الأصح أن الملك يطلع على ذلك وقوله (رقيب) أي ملك يرقب عمله و (عتيد) أي معد حاضر وفي الحديث كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين وإذا عمل سيئة قال