وروينا في "صحيح البخاري" عن ابن عباس قال: لما قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر نزل على ابن أخيه الحز بن قيس، وكان من النفر الذين يُدنِيهم عمرُ رضي الله عنه، فقال عيينة: يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه، فاستأذن، فأذن له عمرُ، فلما دخل قال: هي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به، فقال الحر: يا أمير المؤمنين إن الله عزّ وجل قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩] وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقافاً عند كتاب الله تعالى.
[باب استحباب التبشير والتهنئة]
ــ
والمطلوب منه مشفوعاً إليه والمطلوب له مشفوعاً له والشيء مشفوعاً فيه فكل شافع فهو داع وسائل وطالب وراغب وكل مشفوع إليه مدعو ومسؤول ومرغوب إليه هذا كلامه فشرط في تسميتها شفاعة أن يكون الشافع دون المشفوع إليه وحينئذ فقول بريرة أتأمر أم تشفع ترد حقيقة الشفاعة لفقدان شرطها بل المعنى أم تخير وقوله بل أشفع معناه بل أخير ولم تفهم بريرة غير ذلك وإطلاق الشفاعة على التخيير مجاز لما بينهما من عدم الإيجاب في الموضعين ويجوز أن يكون أراد -صلى الله عليه وسلم- من كلامه هذا اختبار بريرة هل لها رغبة في زوجها فيأمرها برده فلما قالت: لا حاجة لي فيه ظهر له كراهتها له فلم يأمرها برده اهـ، ملخصاً. فولى:(وروينا في صحيح البخاري الخ) تقدم الكلام عليه في باب الإعراض عن الجاهلين.
[باب استحباب التبشير والتهنئة]
ألف الحافظ السيوطي في هذا المعنى جزءاً وسماه محصول الأماني بأصول التهاني وأورد فيه أحاديث وآثاراً في التهنئة بأحدال عالية وأزمنة فاضلة وأعمال كاملة