[باب أمر من سمع غيبة شيخه أو صاحبه أو غيرهما بردها وإبطالها]
اعلم أنه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردَّها ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده، فإن لم يستطع باليد ولا باللسان، فارق ذلك المجلس، فإن سمع غيبة شيخه أو غيره ممن له عليه حقٌّ، أو كان من أهل الفضل والصلاح، كان الاعتناء بما ذكرناه أكثر.
وروينا في كتاب الترمذي عن أبي الدرداء
ــ
في واقعتي تستحق الثواب فقال ما لك الجواب ما تقدم قال فإن
عندك من قال الطلاق غير واقع فقال مالك ومن هو فقال السائل هو هذا الغلام وأومأ بيده إلى الشافعي فغضب مالك وقال من أين هذا الجواب فقال الشافعي لأني سألته أصياحه أكثر أم سكوته فقال إن صياحه أكثر فقال مالك وهذا الدليل أقبح وأي تأثير لقلة سكوته وكثرة صياحه في هذا الباب فقال الشافعي لأنك حدثتني عن عبد الله بن يزيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس أنها أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت يا رسول الله إن أبا جهم ومعاوية خطباني فأيهما أتزوج فقال لها أما معاوية فصعلوك وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وقد علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبا جهم كان يأكل وينام ويستريح فعلمنا أنه عليه الصلاة والسلام عنى بقوله لا يضع العصا عن عاتقه على تفسيره بظاهره أن الأغلب من أحواله ذلك فكذا هنا قوله هذا القمري لا يهدأ من الصياح أن الأغلب من أحواله ذلك فما سمع مالك ذلك من الشافعي لم يقدح في قوله البتة.
باب أمر من سمع غيبة شيخه أو صاحبه أو غيرهما
أي من أقاربه ومن إخوانه المؤمنين (بردها وإبطالها) الظرف متعلق بأمر. قوله:(ينبغي) أي يجب عند عدم العذر لأنه من إنكار المنكر الواجب حينئذٍ. قوله:(فإن لم يستطع باليد ولا باللسان فارق ذلك المجلس) أي إن أمن محذوراً على نفسه وماله. قوله:(أو غيره ممن له عليه حق) كوالديه وأقاربه وأصحابه. قوله:(أو كان من أهل الفضل) أي العلم (والصلاح) أي القيام بما عليه من حق الله ومن حق العباد والمراد الجامع بين فضيلتي العلم والعمل وإن لم يكن له على الإنسان مشيخة ولا حق صحبة لما قام به من شرف التوفيق.