اعلم أنه يستحبُّ للتابع إذا رأى من شيخه وغيره ممن يقتدى به شيئاً في ظاهره مخالفة للمعروف أن يسأله عنه بنية الاسترشاد، فإن كان في فعله ناسياً تداركه، وإن كان فعله عامداً وهو صحيح في نفس الأمر، بيَّنَه له.
فقد روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: "دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عرفة حتى إذا كان بالشِّعب نزل فبال
ــ
باب ما يقوله التابع للمتبوع إذا فعل
أي المتبوع (ذلك) أي ما ظاهره غير صواب وهو صواب في نفس الأمر (أو نحوه) أي ما ظاهره مكروه أو خلاف الأولى وليس كذلك في نفس الأمر وهذا على سبيل التذكير واستبانة الأمر لا على وجه الاعتراض وامتحان نحو الأستاذ فإنه قبيح. قوله:(في ظاهره مخالفة للمعروف) أي بأن
يكون ظاهره محرماً أو مكروهاً وليس كذلك في الحقيقة. قوله:(بنية الاسترشاد) أي بأن يرشده الأستاذ لبيان ما خفى عليه وجهه. قوله:(فإن كان قد فعله ناسياً الخ) ووجه الإرشاد في هذه الأعلام أن ما فعله الأستاذ ليس من المشروع حتى يقتدي به فيه الطالب بل إنما صدر على سبيل النسيان الذي لا يكاد يخلو منه إنسان. قوله:(بيّنه وله) أي بيّن له ما ذكر من صحة العبادة في نفس الأمر وذلك ببيان الدليل إن كان ذلك الحكم للعموم أو بيان وجه الرخصة إن كان لعذر به دعاه لذلك.
قوله:(روينا في صحيحي البخاري ومسلم) ورواه مالك والنسائي وأبو داود كما في تيسير الوصول للديبع. قوله:(دفع -صلى الله عليه وسلم- من عرفة) أي أفاض وسمى ذلك دفعاً لأن بعضهم يدفع بعضاً أي يزحمه كما في تحفة القارئ. قوله:(حتى إذا كان بالشعب) بكسر المعجمة وسكون المهملة قال الطبري في القرى: الشعب هو انفراق بين الجبلين من