قلتُ: أنف بضم الهمزة والنون: أي مستأنف لم يتقدَّم به علم ولا قدر، وَكَذَب أهلُ الضلالة، بل سبق علم الله تعالى بجميع المخلوقات.
[باب ما يقوله إذا شرع في إزالة منكر]
روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة يوم الفتح، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نُصُباً، فجعل يَطْعُنُها
ــ
وهؤلاء الذين ينكرون القدر الفلاسفة في الحقيقة وقال غيره يجوز أنه لم يرد بهذا الكلام التكفير المخرج عن الملة فيكون من قبيل كفران النعمة إلا أن قوله ما قبله الله منه ظاهر في التكفير فإن إحباط العمل إنما يكون بالكفر إلا أنه يجوز أن يقال في المسلم لا يقبل الله عمله بمعصية وإن كان صحيحاً كما إن الصلاة في الدار المغصوبة صحيحة غير موجبة للقضاء عند جماهير العلماء بل بإجماع السلف وهي غير مقبولة ولا ثواب فيها على المختار عند أصحابنا اهـ. قوله:(أي مستأنف لم يتقدم به علم) أي وإنما يعلمه بعد وقوعه وتقدم أن هذا قول غلاة القدرية وقد انقرضوا ولله الحمد والمنة.
باب ما يقول إذا شرع في إزالة منكر
قوله:(روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) قال المزي أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها التفسير وأخرجه مسلم في المغازي قال ورواه الترمذي في التفسير وقال حسن صحيح ورواه النسائي في التفسير أيضاً اهـ، ملخصاً. قوله:(نصباً) قال ابن النحوي بضم النون والصاد ويجوز إسكان الصاد ويجوز فتح النون مع ذلك وكلها واحد الأنصاب نبه عليه ابن التين والنصب الحجر والصنم المنصوب للعبادة ومنه وما ذبح على النصب. قوله:(يطعنها) بضم العين على المشهور ويجوز فتحها في لغة وهذا الفعل إذلالاً للأصنام ولعابديها وإظهار كونها لا تضر ولا تنفع عن أنفسها كما قال تعالى: {وإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا