عبد الرحمن، إنه قد ظهر قِبَلنا ناس يقرؤون القرآن، ويزعمون أن لا قَدَر، وأنَّ الأمر أُنُفٌ، فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم برآء
ــ
عوف بن بكر بن أسد نفاه الحجاج إلى خراسان فقتله قتيبة بن مسلم فولاه خراسان. قوله:(ويزعمون أن لا قدر الخ) اعلم أن مذهب أهل الحق إثبات القدر ومعناه أنه سبحانه وتعالى قدر الأشياء في الأزل وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه على صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وأنكرت القدرية هذا وابتدعت وزعمت أنه سبحانه لم يقدرها ولم يتقدم علمه سبحانه بها وأنها مستأنفة العلم أي أنه إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه وتعالى وجل عن أقوالهم الباطلة علواً كبيراً وسميت هذه الفرقة قدرية لإنكارهم القدرة قال أصحاب المقالات من المتكلمين وقد انقرضت القدرية القائلون بهذا القول الشنيع ولم يبق أحد من أهل القبلة عليه وصارت القدرية في الأزمان المتأخرة تعتقد إثبات القدر ولكن يقولون الخير من الله والشر من غيره تعالى عن قولهم بل كل من عند الله وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعاً القدرية مجوس هذه الأمة رواه أبو حازم وأبو داود في سننه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين إن صح سماع أبي حازم من ابن عمر شبههم بهم لتقسيمهم الخير والشر في حكم الإرادة كما قسمت المجوس فصرفت الخير إلى يزدان والشر إلى أهرمن وقال الخطابي: إنما جعلهم مجوساً لمضاهاة مذهبهم مذهب المجوس في قولهم بالأصلين النور والظلمة يزعمون أن الخير من فعل النور والشر من فعل الظلمة فصاروا ثنوية وكذلك القدرية يضيفون الخير إلى الله سبحانه والشر إلى غيره والله سبحانه وتعالى خالق الجميع لا يكون شيء منهما إلا بمشيئته فهما مضافان إليه تعالى خلقاً وإيجاداً وإلى الفاعلين من العباد فعلاً واكتساباً والله أعلم اهـ، كذا تلخص من كلام المصنف في شرح مسلم. قوله:(فإذا لقيت أولئك الخ) زاد في الحديث والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر قال المصنف هذا القول من ابن عمر ظاهر في تكفير
القدرية قال القاضي عياض في القدرية الأول الذين نفوا علم الله تعالى بالكائنات والقائل بهذا كافر بلا خلاف