فصل: اعلم أنه ينبغي لمن بلغه شيء من فضائل الأعمال أن يعمل به ولو مرة واحدة ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقاً بل يأتي بما تيسَّر منه.
لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق على صحته:"إذَا أمَرتُكُم بِشَيء فأتوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ".
ــ
أداء لحقه كمن جاء لطلب شيء من مأدبته والله أعلم ثم رأيت الشيخ زكريا ذكر ذلك فقال في شرح رسالة القشيري درجات الإخلاص ثلاثة عليا ووسطى ودنيا فالعليا أن يعمل لله وحده امتثالا لأمره وقياماً بحق عبوديته والوسطى أن يعمل لثواب الآخرة والدنيا أن يعمل للإكرام في الدنيا والسلامة من آفاتها وما عدا الثلاثة من الرياء إن تفاوتت أفراده اهـ. قوله:(لمن وقف) أي سلك به طريق الخير والهداية فيؤثر معه القليل ما لا يؤثر مع غيره.
[فصل]
قوله:(ينبغي) أي يطلب ومن ثم كان الأغلب استعمالها في الندب تارة والوجوب أخرى وقد تستعمل للجواز والترجيح و"لا ينبغي" قد تكون للتحريم والكراهة قاله بعض المحققين. قوله:(لمن بلغه شيء إلخ) ولو كان الخبر ضعيفاً لما يأتي في الفصل بعده من العمل بالضعيف بشرطه في أمثال ذلك وفي خبر ضعيف من بلغه عني ثواب فعمل به حصل له أجره وإن لم أكن قلته. قوله:(ولا ينبغي) أي على سبيل التنزيه إذ هو خلاف الأولى تارة ومكروه أخرى. قوله:(في الحديث المتفق على صحته) أخرجاه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعوني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وأخرجه ابن حبان كما ذكره الحافظ. قوله:(فافعلوا منه ما استطعتم) وفي بعض النسخ فأتوا منه وبهذا