روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول لأخيه الصغير:"يا أبا عُمَيرٍ ما فعَلَ النُّغَيْرُ".
ــ
[باب المزاح]
بكسر أوله مصدر مازح فهو بمعنى الممازحة وبضمه مصدر مزح كذا قرره جمع وفي المصباح مزح مزحاً من باب نفع ومزاحة بالفتح والاسم المزاح بالضم والمزحة المرة ومازحته ممازحة ومزاحاً من باب قاتل ويقال: إن المزاح مشتق من زحت الشيء عن موضعه وأزحته عنه إذا نحيته لأنه تنحية له عن الجد وفيه ضعف لأن باب مزح غير باب زوج والشيء لا يشتق مما يغايره في أصوله اهـ، وبالجملة هو انبساط مع الغير من غير إيذاء له وبه فارق الاستهزاء والسخرية وقد سئل بعض السلف عن مزاحه -صلى الله عليه وسلم- فقال: كانت له مهابة فلذا كان ينبسط النّاس بذلك:
يتلقى الندا بوجه صبيح ... وصدور القنا بوجه وقاح
فبهذا وذا تتم المعالي ... طرق الجد غير طرق المزاح
قال ابن قتيبة إنما كان -صلى الله عليه وسلم- يمزح لأن النّاس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه فلو ترك الطلاقة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ النّاس أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من المشقة والعناء فمزح ليمزحوا ولا يناقض ذلك خبر ما أنا من الدد ولا الدد مني فإن الدد اللهو والباطل وهو كان إذا مزح لا يقول إلا حقاً وأخرج جمع عن عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يمزح ويقول: إن الله لا يؤاخذ المزاح الصادق في مزاحه.
قوله:(روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) تقدم الكلام عليه في باب كنية من لم يولد له وكنية الصغير وروى هذه الجملة من الحديث الترمذي في الشمائل وابن السني في عمل اليوم والليلة. قوله:(كان يقول) على سبيل الممازحة وجبر خاطر ذلك الصغير لما أصابه من الحزن على ذلك الطير (لأخيه)