للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: روينا في "صحيح البخاري" عن أنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا حتى تُفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلَّم عليهم سلَّم عليهم ثلاثًا".

قلت: هذا الحديث محمول على ما إذا كان الجمع كثيرًا، وسيأتي بيان هذه المسألة وكلام الماوردي صاحب "الحاوي" فيها إن شاء الله تعالى.

ــ

ذلك لما ذكر من التخيير بين تعريف السلام وتنكيره ردًّا وجوابًا والله أعلم.

[فصل]

قوله: (روينا في صحيحي البخاري ومسلم الخ) وكذا أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن المثنى يعني عن ثمامة عن أنس وأخرجه الترمذي أيضًا من رواية مسلم بن قتيبة عن عبد الله بن المثنى مقتصرًا على القضية الأولى وزاد ليعقل عنه وكذا أخرجه الحاكم من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري عن أبيه قاله الحافظ. قوله: (إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا) المراد بالكلمة هنا ما يشمل الجملة والجمل مما لا يتبين لفظه أو معناه إلا بإعادته فكان يعيدها لذلك أو إن ذلك محمول على ما إذا عرض للسامعين ما خلط عليهم فيعيده لهم ليفهموه أو على ما إذا كثروا ولم يستيقن سماع جميعهم فيعيد ليسمع الكل وقد علل الإعادة في حديث البخاري في كتاب العلم بقوله: ليفهم عنه أو قال: ليفهم مبنيًّا للمعروف، ونحوه ما علله في الترمذي بقوله: ليعقل عنه أي فصل ذلك لكمال شفقته على أمته ورحمته لهم فيعيد لهم حتى يعقلوا مراده قال الشيخ زكريا في تحفة القارئ و"أعاد" مضمن معنى "قال" أي أعادها قائلًا ثلاثًا إذ لو بقي على معناه لزم قول تلك الكلمة أربع مرات فإن الإعادة ثلاثًا إنما تتحقق به إذ المرة الأولى لا إعادة فيها وفيه دليل على أنه يندب للمعلم أن يعيد ما يحتاج إلى الإعادة كي يفهم عنه قال القارئ في شرح الشمائل وفي الاقتصار

على الثلاث إشعار بأن مراتب الفهم كذلك أعلى وأدنى وأوسط وأن من لم يفهم في الثلاث لا يفهم ولو زيد عليه مرات اهـ. قوله: (وإذا أتى على قوم فسلم عليهم الخ) قال ابن رزين في جمعه المعنى في تكرير السلام المبالغة في تأكيد الدعاء للمؤمنين لأنه كان بهم

<<  <  ج: ص:  >  >>