قلت: اختلف العلماء في إسلام حصين والد عمران وصحبته، والصحيح: إسلامه وصحبته، فلهذا قلتُ: رضي الله عنهما.
وروينا في "صحيح مسلم" أيضاً عن أبي برزة رضي الله عنه، قال:"بينما جارية على ناقة عليها بعض متاع القوم، إذ بَصُرَتْ بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وتضايق بهم الجبل، فقالت: حَلْ اللَّهُم العنها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُصَاحِبُنا ناقَةٌ عَلَيها لَعْنَةٌ" وفي رواية: "لا تُصَاحِبُنا راحِلَةٌ عَلَيها لَعنَةٌ مِنَ اللهِ تعالى".
قلت: حَلْ بفتح الحاء المهملة وإسكان اللام، وهي كلمة تزجر بها الإبل.
[فصل في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين والمعروفين]
ــ
هذا فهي باقية على الجواز لأن الشرع إنما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقي الباقي كما كان اهـ. قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر واستفيد من الأحاديث المذكورة في لعن الدواب أنه حرام وبه صرح أئمتنا والظاهر أنه صغيرة إذ ليس فيه مفسدة عظيمة ومعاقبته -صلى الله عليه وسلم- لمن لعنت ناقتها بتركها لها تعزيراً وتأديباً لا يدل على أن ذلك بمجرده كبيرة لا سيما وفي علل الأمر بالترك في حديث آخر بأن دعوته باللعن علي دابته أجيبت ثم نقل عن بعضهم القول بأنه كبيرة ونظر فيه وقال الأوجه ما قلناه من أن لعن الدابة صغيرة اهـ. ومن هذا الحديث أخذ بعضهم جواز التعزير بأخذ المال. قوله:(اختلف العلماء في إسلام حصين) تقدم ذكر إسلامه عن المحدثين والحفاظ في ترجمة ولده عمران في كتاب إذكار المرض والموت. قوله:(وروينا في صحيح مسلم أيضاً). قوله: . (وهي كلمة تزجر بها الإبل) وقال المصنف في شرح مسلم هي كلمة زجر للإبل واستحثاث يقال حل حل بإسكان اللام فيهما قال القاضي ويقال أيضاً حل حل بكسر اللام فيهما بالتنوين وبغير التنوين.
باب في جواز لعن أصحاب المعاصي غير المعينين والمعروفين