للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قالَ".

[باب الغيبة بالقلب]

اعلم أن سوء الظنّ حرام مثل القول، فكما يحرم أن تحدِّث غيرك بمساوئ إنسان، يحرم أن تحدِّث نفسك بذلك وتسيء الظن به، قال الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: ١٢].

ــ

وليس لأحد عند أحد طلبة وقد ورد بهذا المعنى أخبار أخر. قوله: (حتى يخرج مما قال) أي من تبعة ما قاله إما بأن يرضي الله عنه خصمه أو بأن يعطى الخصم من حسنات مغتابه أو يضع عليه من سيئاته أو ما يشاء الله.

[باب الغيبة بالقلب]

أي حكمها ومعرفة حقيقتها به. قوله: (سوء الظن) أي الظن السيئ (بالمسلم حرام مثل القول) أي السيئ في الحرمة وإن اختلفت مراتب الحرمة. قوله: (وكما يحرم أن تحدث غيرك بمساوي إنسان) أي على وجه الاغتياب والمساوي جمع مساءة أي ما يسوء ذكره. قوله: (وتسيء الظن به) أي بسبب ما حدثت به نفسك. قوله: (اجتنبوا كثيراً من الظن) أمر باجتناب كثير من الظن لئلا يجري أحد على ظن إلا بعد نظر وتأمل وتمييز بين حقه وباطله قال في النهر المأمور باجتنابه هو بعض الظن

المحكوم عليه بأنه إثم وفي الزواجر علل ذلك الأمر بالإخبار بأن بعض الظن إثم وهو ما تخيلت وقوعه من غيرك من غير مستند يبني ذلك عليه وقد صمم عليه أو تكلم به لسانه من غير مسوغ شرعي وبعض الظن ليس بإثم بل منه ما هو واجب كظنون المجتهدين في الفروع المترتبة على الأدلة الشرعية فيلزمهم الأخذ بها ومنه ما هو مندوب ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- ظنوا بالمؤمن خيراً ومنه ما هو مباح وقد يكون هو الحزم والرأي وهو محمل خبر إن من الحزم سوء الظن وقد عقد بعضهم ذلك حيث قال:

لا يكن ظنك إلا سيئا ... إن سوء الظن من أقوى الفطن

<<  <  ج: ص:  >  >>