الرجل من صبره، فأجمعوا على أنه إذا ترك شيئًا كان يصنعه فقد جزع.
قلت: والآثار في هذا الباب كثيرة، وإنما ذكرتُ هذه الأحرف لئلا يخلوَ هذا الكتاب من الإشارة إلى طرف من ذلك، والله أعلم.
[فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطواعين في الإسلام]
والمقصود بذِكْره هنا التصبُّر والتَّأسِّي بغيره، وأن مصيبة الإنسان قليلة بالنسبة إلى ما جرى على غيره. قال أبو الحسن المدائني: "كانت الطواعين المشهورة العظام
ــ
له دواء إلَّا السام يعني الموت قوله:(إِذَا تَرَكَ شيئًا الخ) بني ترك للفاعل إعلامًا بأن علامة الجزع إنما هو ترك شيء من عوائده على سبيل الاختيار أما إذا غلب عليه ولم يتمكن من فعل ذلك فلا يؤاخذ به لعدم تكليفه.
فائدة
قال الحافظ من ألفاظ التعزية ما ورد أن معاذ بن جبل مات ابن له فكتب إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعزيه من محمد رسول الله إلى معاذ بن جبل سلام عليك فإني أحمد إليك الله لا إله إلَّا هو أما بعد فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، فإن أنفسنا وأهلنا وأولادنا من مواهب الله الهنية وعواريه المستودعة وإن ابنك متعك الله به في غبطة وسرور وقبضه منك إلى أجر كثير الصلاة والرحمة والهدى إذا احتسبت فاصبر ولا يحبط أجرك جزعك فتندم واعلم أن الجزع لا يرد ميتًا ولا يدفع حزنًا وما يأتيك فكأن قد والسلام قال سليمان بن أحمد في رواية خليل لا يروى عن معاذ إلَّا
بهذا الإسناد كذا قال وأخرجه الحاكم في المستدرك في ترجمة معاذ بن جبل وقال حسن غريب ومجاشع بن عمر وليس من شرط هذا الكتاب قال الحافظ قلت ذكره العقيلي في الضعفاء وجاء عن يحيى بن معين عدة أحاديث استنكرها وأخرج الحافظ القصة من وجه آخر بنحو ذلك وقال بعد تخريجه أخرجه أبو نعيم في ترجمة معاذ من الحلية وتكلم في محمد بن سعيد الشامي المشهور بالمصلوب بأنه قتل على الزندقة وصلب وقد أخرج له ابن ماجة والترمذي لكن صرح جماعة من الأئمة بتكذيبه.
فصل في الإشارة إلى بعض ما جرى من الطاعون في الإسلام
قال الجوهري الطاعون وزنه فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالًا على الموت العام كالوباء ويقال طعن فهو مطعون وطعين إذا أصابه الطاعون