للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبت لأن يكون ما تحبُّ أحبُّ إليَّ من أن يكون ما أُحب.

وعن جويرية ابن أسماء عن عمه أن إخوة ثلاثة شهدوا يوم تُسْتُرَ فاستُشهدوا، فخرجتْ أمُّهم يومًا إلى السوق لبعض شأنها، فتلقاها رجلٌ حضر تُسْتُرَ، فعرفتْه، فسألته عن أمور بَنِيها، فقال: استُشهدوا، فقالت: مقبلين، أو مدبرين، قال: مقبلين، قالت: الحمد لله، نالوا الفوزَ، وحاطوا الذِّمار، بنفسي هم وأبي وأمي. قلت: الذِّمار بكسر الذال المعجمة، وهم أهل الرجال وغيرهم مما يحق عليه أن يحميَه، وقولها: حاطوا: أي: حفظوا وَرَعَوا.

ومات ابن الإمام الشافعي رضي الله عنه فأنشد:

وما الدَّهرُ إلَّا هكذا فاصْطَبِر لهُ ... رَزِيَّةُ مالٍ أو فِرَاق حَبِيبِ

قال أبو الحسن المدائني: مات الحسن والد عبيد الله بن الحسن، وعبيدُ الله يومئذ قاضي البصرة وأميرُها، فكثر من يعزِّيه، فذكروا ما يتبين به جزع

ــ

والحق يطلق على كل ثابت سواء كان عينًا كالجنة حق أو لا كالموت حق. قوله: (يا أَبتِ) الياء فيه عوض عن ياء المتكلم فيجوز فيه وفي أمت في

النداء فتح الياء وكسرها والكسر أكثر في كلامهم لكن الفتح أقيس وسمع ضمها تشبيهًا بنحو ثبة وهبه وهو شاذ ولا يجمع بين ياء المتكلم والألف والتاء إلَّا في الضرورة فيقال يا أبتي أو الألف يا أبتا. قوله: (جُوَيْرِيَة) وهو على وزن تصغير جارية وهو ابن أسماء بن عبيد الضبعي توفي سنة ثلاث وسبعين كذا في التقريب للحافظ ابن حجر. قوله: (تُستَرَ) هو بضم التاء الأولى وفتح الثانية بينهما سين مهملة وقد تعجم آخره راء مهملة. قوله: (نالُوا الفوزَ) أي الموعود به في القرآن بقوله عزّ وجل {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣].قوله: (رَزِيَّة مالٍ) الرزية بفتح الراء كسر الزاي بعدها تحتية بوزن فعيلة من الرزء وهو المصيبة بفقد ما يعز على الإنسان مأخوذ من الرزء وأصله النقص وبعد هذا البيت في نسخة بيت آخر هو قوله:

وقد فارق النّاس الأحبة قبلنا ... وأعيا دواء الموت كل طبيب

قوله وأعيا في تلميح إلى الحديث المرفوع تداووا فإن الله تعالى لم يضع داء إلَّا وضع

<<  <  ج: ص:  >  >>