رجل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه على ابنه عبد الملك رضي الله عنه، فقال عمر: الأمر الذي نزل بعبد الملك أمر كنا نعرفه، فلما وقع لم ننكره.
وعن بشر بن عبد الله قال: قام عمر بن عبد العزيز على قبر ابنه عبد الملك فقال: رحمك الله يا بني فقد كنت سارًّا مولودًا، وبارًّا ناشئًا، وما أُحِبُّ أني دعوتك فأجبتني.
وعن مسلمة قال: لما مات عبد الملك بن عمر كشف أبوه عن وجهه وقال: رحمك الله يا بنيَّ، فقد سُرِرتُ بك يوم بُشِّرتُ بك، ولقد عُمِّرتُ مسرورًا بك، وما أتت عليَّ ساعة أنا فيها أسرُّ من ساعتي هذه، أما والله إن كنت لتدعو أباك إلى الجنة.
قال أبو الحسن المدائني: دخل عمر بن عبد العزيز على ابنه في وجعه فقال: يا بنيَّ كيف تجدك؟ قال: أجدني في الحقِّ، قال يا بنيَّ لأن تكون في ميزاني أحبُّ إليَّ من أن أكونَ في ميزانك، فقال:
ــ
ميمون بوزن مفعول بين ميمية تحتية ساكنة وآخره نون ومهران بكسر الميم وإسكان الهاء بعدها راء آخره نون. قوله:(بشرِ بنِ عبد الله) ضبطه الطاهر الأهدل بحاشية أصله إنه بالسين المهملة وهو الحلواني قال ووقع في بعض النسخ بالمعجمة يا بني بفتح الياء أو كسرها أو سكونها وسبق بيان وجوهها في باب ما يقول إذا دخل بيته. قوله:(فقَد سُررتُ بكَ) بالبناء للمفعول أي بمقتضى الطبع البشري أو الباعث الإيماني لما فيه من تكثير سواد الأمة المحمدية المباهي بكثرتها يوم القيامة سيد البرية - صلى الله عليه وسلم -. قوله:(أَمَا والله الخ) أما فيه للاستفتاح والقسم لتأكيد ما سبقه من كونه في تلك الساعة أسر به منه في سائر الساعات لكونه يدعوه للجنة كما ورد في من مات له فرط إنه لا يأتي بابًا من الجنة إلَّا وجده قد سبقه إليه فإن في قوله إن كنت بفتح الهمزة كما هو مضبوط في نسخة صحيحة فهي مصدرية ولام العلة محذوف ويحتمل أن تكون بكسر الهمزة وتكون إن بمعنى إذ أو تكون شرطية حذف جوابها لسبق ما يدل عليه وعليه فإما أن يقال إنها وضعت موضع إذا الموضوعة للتحقيق وإما أن يقال إن تحقيق هذا المقام موقوف على الصبر على جريان الأقدار والرضا بالقضاء وذلك قل لا يحصل فيفوته هذا المقام فحسن الإتيان بما لا يدل على الجزم والله أعلم. قوله:(في الحَقّ) أي الموت