استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ومن أفتى بفتيا من غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه أخرجه الحافظ من طرق في بعضها الدارمي قال واقتصر على الحديث الأخير وبعضها عن شيخه العراقي قال: وهذا لفظه ورجال سنده مخرج لهم في الصحيح قال وأخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والحاكم من طريق ابن أبي مرة عن المقري وقال صحيح على شرطهما لا أعرف له علة ورد عليه ذلك شيخنا فأصاب انتهى كلام الحافظ
ثم ينبغي للمشير أن يشير عليه بما هو الأصلح له في دينه وإن أضر بدنياه فعليه أن يشير بما فيه صلاح
الدين إما مع صلاح الدنيا أيضًا أو صلاحه فقط ويتخلى عن الهوى ويشير بما ظهر له صلاحه في الدين لحديث المستشار مؤتمن وأما خبر إن شاء أشار وإن شاء سكت وإن شاء فليشر بما لو نزل به فعله فينبغي حمله حتى لا ينافي ما مر على ما إذا لم تترجح عنده الإشارة وإلا وجبت.
[تنبيه]
قال الحافظ أفرد المصنف للمشاورة بابًا في أوائل الربع الأخير وقال فيه أيضًا. والأحاديث الصحيحة في المشاورة كثيرة ثم لم يذكر منها إلا حديث المستشار مؤتمن أورده من طريق واحدة مختصرًا وقد خرجت طرقه بما فيها من زيادة قلت: وقد لخصتها منه كما تقدم عنه آنفًا.
[فائدة]
استشار النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة في عدة أشياء منها في غزوة بدر وفي غزوة أحد وفي الخندق كل ذلك في الخروج وعدمه واستشار في بدر أيضًا في أخذ الفداء وأشير عليه فيها باختيار المنزل واستشار في الحديبية في بيات أهل مكة وأشارت عليه أم سلمة في التحلل واستشار أيضًا في قصة الإفك في شيئين إلى غير ذلك واستشار أبو بكر في قتال أهل الردة وفي جمع القرآن وفي غير ذلك وصدر ذلك من عمر حتى جعل الخلافة بعده شورى ذكره الحافظ والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام وما أحسن ما قيل:
لا تسع في أمر ولا تفعل به ... ما لم يزنك لديك عقل ثاني
فالشعر معتدل بوزن عروضه ... وكذا اعتدال الشمس بالميزان
قوله:(وظهر أنه مصلحة في الدين) سواء كانت في الدنيا أيضًا أو لا كما سبق قبيل التنبيه.