للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعية، فإن دعت جاز الفكر في نقيصته والتنقيب عنها كما في جرح الشهود والرواة وغير ذلك مما ذكرناه في "باب ما يباح من الغيبة".

[باب كفارة الغيبة والتوبة منها]

اعلم أن كلَّ من ارتكب معصية لزمه المبادرةُ إلى التوبة منها، والتوبةُ من حقوق الله تعالى يشترط فيها ثلاثة أشياء: أن يُقْلِعَ عن المعصِية في الحال، وأن يندَم على فعلها، وأن يَعْزِمَ ألاَّ يعود إليها.

والتوبةُ من حقوق الآدميين

ــ

قوله: (والتنقيب) بالفوقية فالنون فالقاف فالتحتية أي التفتيش والبحث.

[باب كفارة الغيبة والتوبة منها]

قوله: (معصية) أي ولو صغيرة. قوله: (لزمه المبادرة إلى التوبة) أي وجوباً فتاركها عاص قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ووجوبها عندنا بالسمع وعند المعتزلة بالعقل. قوله: (أن يقلع عن المعصية حالاً) أي بتركها وعدم مزاولتها إن كان ملابساً لها فيمسك لسانه عن الغيبة وعينه عن النظر المحرم وهكذا وكذا إن لم يكن ملابسها لها ولكنه مصر على المعاودة فهذا الشرط إنما يعتبر بالنسبة لهذين إذ يستحيل حصول الندم الحقيقي على شيء هو ملازم له في الحال أو مصر على معاودته. قوله: (وأن يندم على فعلها) أي خوفاً من الله تعالى وإجلالاً له متمنياً كونه لم يفعل المعصية من حيث إنها معصية أما إذا ندم على فعلها بما لحقه من الأذى في نفسه أو ماله فلا عبرة به في التوبة شرعاً وفي الندم عليها لخوف النار تردد وكذا في الندم عليها لقبحها مع غرض آخر والحق إن جهة القبح إن كانت بحيث لو انفردت لتحقق الذم فتوبة وإلا فلا كما إذا كان الغرض مجموع الأمرين لا كل واحد منهما ولا بد من التأسف للقطع بأن مجرد تركه كالماجن إذا مل مجونه فاستروح لمباح ليس بتوبة. قوله: (وأن يعزم على أن لا يعود) اعترض هذا الشرط بأن فعلها في المستقبل قد لا يخطر بالبال لذهول أو جنون وقد لا يقتدر

<<  <  ج: ص:  >  >>