يشترط فيها هذه الثلاثة، ورابعٌ: وهو ردُّ الظُّلامة إلى صاحبها أو طلبُ عفوه عنها والإبراء منها، فيجب على المغتاب التوبةُ بهذه الأمور الأربعة، لأن الغيبَةَ حقُّ آدميٍّ، ولا بد من استحلاله ممن اغتابه،
ــ
عليه لخرس في القذف وجب في الزنى ورد بأن المراد العزم على ترك المعاودة على تقدير الحضور والاقتدار حتى لو سلب القدرة لم يشترط عزم عليه وقول إمام الحرمين إنما يقارن التوبة في بعض الأحوال لامتناع اطراده بعدم صحته من المجبوب والأخرس يشير إلى ما ذكرناه وفي المقاصد تبعاً للمواقف أن هذا القيد زيادة بيان وتقرير لما ذكر لا للتقييد والاحتراز إذ النادم عليها لقبحها لا يكون إلا عازماً على ترك معاودة مثلها هذا وقد عرف الغزالي في منهاجه نقلاً عن شيخه التوبة بقوله ترك ذنب سبق منه مثله فلم يدخل في مفهوم الندم قال لأنه ليس من كسب الإنسان حتى يعتبر في التوبة التي هي من الواجبات على المكلف والله أعلم. قوله:(وهو رد الظلامة) أي وإن بقيت فإن تلفت فبدلها (أو طلب عفوه) أي أو طلب الظالم عفوه أي المظلوم (عنها) فالطلب مصدر مضاف للمفعول (والإبراء منها) قضية تقريره أنه لو أبرأه منها من غير طلب لم يبرأ وليس مراداً فإذا حصل عفو المظلوم وإبراؤه برئت ذمة الظالم من حق الآدمي وبقي حق الله فتعتبر فيه الثلاثة الشرط الأول فقط والله أعلم. قوله:(فيجب على المغتاب) أي فاعل الغيبة. قوله:(لا بد من استحلاله) أي من طلب تحليله (من اغتابه) أي إن كان مكلفاً إذ مسامحة غير
المكلف لا تذهب حقه من تبعة ذلك سواء كان الطلب من المغتاب أو غيره وقال الحسن يكفيه الاستغفار عن الاستحلال واحتج بخبر كفارة من اغتبته أن تستغفر له وقيل كفارة ذلك أن تثني عليه وتدعو له بالخير والأصح أنه لا بد من استحلاله وزعم أن العرض لا عوض له فلا يجب استحلاله منه بخلاف المال مردود بأنه وجب في العرض حق القذف وفي الروضة أيضاً أفتى الحناطي بأن الغيبة إذا لم تبلغ المغتاب كفاه الندم والاستغفار وجزم به ابن الصباغ حيث قال إنما يحتاج لاستحلال المغتاب إذا علم ما داخله من الضرر والغم بخلاف ما إذا لم يعلم فلا فائدة لتأذيه فليتب فإذا تاب أغناه عن ذلك نعم إن كان تنقصه عند قوم رجع إليهم وأعلمهم أن ذلك لم يكن حقيقته اهـ.