للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يكفيه أن يقول: قد اغتبتك فاجعلني في

حلّ، أم لا بد أن يبين ما اغتابه به؟ فيه وجهان لأصحاب الشافعي رحمهم الله. أحدهما: يشترط بيانه، فإن أبرأه من غير بيانه، لم يصحّ، كما لو أبرأه عن مال مجهول. والثاني: لا يشترط، لأن هذا مما يتسامح فيه، فلا يشترط علمه، بخلاف المال، والأول أظهر، لأن الإنسان قد يسمح بالعفو عن

ــ

وتبعهما كثيرون منهم المصنف واختاره ابن الصلاح في فتاويه وغيرهم قال الزركشي وهو المختار وحكاه ابن عبد البر عن ابن المبارك وأنه ناظر سفيان فيه وقال له لما أنكر عليه لا تؤذه مرتين وحديث كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته تقول اللهم اغفر لنا وله فيه ضعف كما قاله البيهقي وقال ابن الصلاح هو وإن لم يعرف له إسناد معناه ثابت بالكتاب والسنة قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} وقال -صلى الله عليه وسلم- أتبع السيئة الحسنة تمحها، وحديث حذيفة لما اشتكى ذرب اللسان على أهله أي أنت من الاستغفار اهـ. واعترض بأنه صح ما يعارضه وهو قوله -صلى الله عليه وسلم- لتلك المرأة قد اغتبتها قومي فتحلليها وبأنه لو أجزأ هذا الاستغفار لأجزأ في أخذ المال وأجيب بمنع المعارضة بأن يحمل هذا على أنه أمر بالأفضل أو بما يمحو أثر الذنب بالكلية على الفور بخلاف الأول فإنه ليس كذلك وبوضوح الفرق بين الغيبة وأخذ المال ومن ثم وجهوا القول بأنها صغيرة مع عظيم ما ورد فيها من الوعيد بأن عموم ابتلاء النّاس بها اقتضى المسامحة بكونها صغيرة لئلا يلزم فسق النّاس إلا الفذ النادر منهم وهذا حرج عظيم فلأجله خفف فيها بذلك فلم تكن كالأموال حتى تقاس بها. قوله: (وهل يكفيه الخ) أي هل يكفي الاستحلال من الغيبة المجهولة وقد حكي الوجهين في الروضة ورجح هنا أنه لا بد من بيانها وتعيينها وعلله بقوله لأن الإنسان الخ لكن في الزواجر كلام الحليمي وغيره يقتضي الجزم بالصحة لأن من يسمح بالعفو من غير كشف وقد وطن نفسه عليه مهما كانت الغيبة ويوافقه قول الروضة قلت ومثله عبارة الأذكار الآتية وأما حديث أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم الخ فمعناه لا أطلب مظلمتي في الدنيا ولا في الآخرة وهذا ينفع في إسقاط مظلمة كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>