غيبة دون غيبة، فإن كان صاحب الغيبة ميتاً أو غائباً فقد تعذَّر تحصيل البراءة منها، لكن قال العلماء: ينبغي أن يكثر من الاستغفار له والدعاء ويكثر من الحسنات.
واعلم أنه يستحب لصاحب الغيبة أن يبرئه منها ولا يجب عليه ذلك لأنه تبرُّعٌّ وإسقاط حق، فكان إلى خِيرته، ولكن يستحب له استحباباً متأكّداً الإبراءُ ليخلّص أخاه المسلم من وبال هذه المعصية، ويفوزَ هو بعظيم ثواب
ــ
موجودة قبل الإبراء لا ما يحدث بعده الخ ففي عبارتهما هذه تصريح بالسقوط مع الجهل بالمبرأ منه الواقع من قبل فيوافق قضية كلام الحليمي.
فائدة
نقل ابن القشيري عن القاضي أنه لو أظهر الاعتذار بلسانه حتى طاب قلب خصمه كفاه وعن أبي هاشم أنه لو أظهر بلسانه دون باطنه لم يكف ثم قال والحق إنه لو لم يخلص فيه كان ذنباً فيما بينه وبين الله والأظهر بقاء مطالبة خصمه في الآخرة لأنه لو علم عدم إخلاصه في اعتذاره لتأذى بذلك وما ذكره صرح به الإِمام فقال عليه أن يخلص في الاعتذار إذ هو قول النفس عند أصحابنا والعبارة ترجمة عنه فإن لم يخلص فهو ذنب فيما بينه وبين الله ويحتمل أن تبقي لخصمه عليه مطالبة في الآخرة لأنه لو علم أنه غير مخلص لما رضي اهـ. ومحل اعتبار استحلاله بتفصيله في الغيبة باللسان أما غيبة
القلب فلا يجب الإخبار بها على قياس ما صححه المصنف في الحسد ونظر فيه الأذرعي اهـ. ملخصاً من الزواجر. قوله:(فإن كان صاحب الغيبة ميتاً الخ) مثله ما إذا تعسر بأن كان بغيبة شاسعة. قوله:(تعذر تحصيل البراءة) ولا اعتبار بتحليل الورثة كما ذكره الحناطي وغيره وأقره في الروضة. قوله:(ويكثر من الحسنات) أي فإنها تذهب السيئات وسبق دليله آنفاً في كلام ابن الصلاح. قوله:(ولكن يستحب له استحباباً مؤكداً) وجه الاستدراك أنه لما قال في تعليل عدم الوجوب فكان إلى خيرته ربما يتوهم أن طلب الإبراء وإن كان سنة إلا أنه ليس على سبيل التأكيد فيكون من الأدب القريب من المباح في الخيرة في الترك فدفع هذا الوهم بما ذكره من قوله ولكن يستحب له أي لصاحب الغيبة استحباباً متأكداً الإبراء. قوله:(من وبال هذه المعصية) أي عذابها والوبال في الأصل الثقل والذي يندفع