للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في كتابي أبي داود والترمذي عن أنس أيضاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "يا ذا الأذُنيِن" قال الترمذي: حديث صحيح.

وروينا في كتابيهما عن أنس أيضاً "أن رجلاً أتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله احملني، فقال: "إني حامِلُكَ على وَلَدِ النَّاقَةِ فقال: يا رسول الله: وما أصنع بولد الناقة؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وهَلْ

ــ

من أمه.

قوله: (وروينا في كتابي أبي داود والترمذي) وأخرجه ابن السني في كتاب عمل اليوم والليلة.

قوله: (قال له) على سبيل المزاح، في الشمائل للترمذي بعد تخريج الحديث قال محمود: يعني ابن غيلان قال أسامة يعني يمازحه قال الشيخ وإنما كان مزاحاً مع كون معناه صحيحاً يقصد بالإفادة لأن في التعبير عنه بذا الأذنين مباسطة وملاطفة حيث سماه بغير اسمه فهو من جملة مزحه ولطيف أخلاقه كما قال للمرأة عن زوجها: ذاك الذي في عينه بياض. قوله: (يا ذا الأذنين) أي يا صاحب الأذنين ووصفه به مدحاً لذكائه وفطنته وحسن استماعه لأن من خلق الله له أذنين سميعتين كان أدعى لحفظه ووعيه جميع ما يسمعه وبما تقدم عن الترمذي ظهر وجه كون هذا الكلام من المزاح.

قوله: (وروينا في كتابيهما) وكذا أخرجه الترمذي في الشمائل: أن رجلاً كان فيه نوع من البله، ولم أر من بين اسمه. قوله: (احملني) أي أركبني على دابة. قوله: (إني حاملك) أي مريد لحملك. قوله: (على ولد الناقة) وفي الشمائل على ولد ناقة بحذف أل وهذا الكلام أراد به - صلى الله عليه وسلم - المباسطة للسائل والملاطفة معه مما عساه أن يكون شفاء لبلهه بعد ذلك وإظهاراً لتحققه فيه فإن أكثر أهل الجنة البله على ما ورد والمراد بهم البله في أمور الدنيا مع كمال فطانتهم في أمور العقبى فهم من الأبرار عكس صفة الكفار التي قال الله تعالى في بيانها: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} قال بعض العارفين سموا بلها حيث رضوا بالجنة ولم يطلبوا الزيادة قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} فالحسنى الجمعة والزيادة اللقاء. قوله: (وما أصنع الخ) سبق إلى خاطر السائل استصغار ما يصدق عليه لفظ البنوة كما هو المتبادر للفهم من ذلك فقال: ما أصنع الخ. قوله: (وهل

<<  <  ج: ص:  >  >>