للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلِدُ الإبِلُ إلاَّ النُّوقُ؟ " قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

وروينا في كتاب الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، قال: "إني

ــ

تلد الإبل الخ) أي إن الإبل صغرت أو كبرت ما تلدها جميعها (إلا النوق) جمع ناقة وهي أنثى الإبل قال أبو عبيد ولا تسمى ناقة حتى تجذع كأنه يقول له لو تدبرت لم تقل ذلك ففيه مع المباسطة الإيماء إلى إرشاده غيره إلى أنه ينبغي إذا سمع قولاً أن يتأمله ولا يبادر برده إلا بعد أن يدرك غوره ولا يسارع إلى ما يقتضيه الصورة.

قوله: (وروينا في كتاب الترمذي) أي جامعه وكذا رواه في شمائله. قوله: (إنك تداعبنا) بدال وعين مهملتين أي تمازحنا قال الزمخشري: الدعابة كالنكاية والمزاحة مصدر داعب إذا مزح والمداعبة مفاعلة منه اهـ، وقال في المصباح: دعب يدعب كمزح يمزح وزناً ومعنى فهو داعب بالضم اسم لما يستملح من ذلك اهـ، قال بعضهم وتصدير الجملة: "إن" يدل على إنكار سابق كأنهم قالوا سبق أنك منعتنا عن المزاح ونحن أتباعك مأمورون باتباعك في الأفعال والأخلاق فقال: لا أقول إلا حقاً جواباً للسؤال على وجه يتضمن العلة الباعثة على نهيهم عن المداعبة والمعنى إني لا أقول إلا حقاً فمن قدر على المداعبة كذلك فجائزة والنهي عما ليس كذلك وأطلق النهي نظراً إلى حال الأغلب من النّاس كما هو من القواعد الشرعية في بناء الأمر على الحال الأغلب وقال آخر وجه الاستبعاد لوقوع المزاح منه -صلى الله عليه وسلم- جليل مكانته وعظيم رتبته فكأنهم سألوا عن الحكمة في ذلك، وأما قول الطيبي تصدير الحديث: "إن" الدالة على الإنكار كأنهم قالوا: لا ينبغي لمثلك في صدر الرسالة ومكانتك من الله المداعبة فرد عليهم من باب القول بالموجب وقال إني لا أقول إلا حقاً أي نعم أداعب غير أني لا أقول إلا حقاً الخ فالمداعبة كذلك لا تنافي الكمال بل هي من توابعه وثباته حيث جرت على طبق القانون الشرعي اهـ. فتعقب بأنه يبعد أن يخطر ببال الصحب أنه يصدر عنه -صلى الله عليه وسلم- ما لا ينبغي فضلاً عن

اعتراضهم عليه فكأنهم قصدوا السؤال عن المداعبة هل هي من خصائصه

<<  <  ج: ص:  >  >>