للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللفظ أورده المصنف في الأربعين وعزاه للصحيحين وعليه فحرف الجر مقدر أي ائتوا بما استطعتم أو ضمن ائتوا معنى افعلوا والإتيان بذلك على سبيل الوجوب في الواجب والندب في المندوب مقيداً بالاستطاعة أي الطاقة لأن المأمور به إخراجه من العدم إلى الوجود وذلك يتوقف على أسباب كالقدرة على الفعل ونحوه وبعض ذلك يستطاع وبعضه لا يستطاع فلا جرم سقط التكليف بما لا يستطاع منه لأن الله تعالى أخبر أنه لا يكلف نفسا إلاَّ وسعها وأيضاً يصدق عليه حينئذٍ أنه امتثل الأمر المطلق مع الإتيان بالمستطاع الصادق عليه الاسم كيوم وركعتين في صم وصل فإن قيد أو وصف لم يصدق الامتثال إلاَّ بالإتيان به بجميع قيوده وأوصافه وإن كان من أشد التكاليف وهذا من قواعد الإسلام ومن جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام والخطاب في قوله "وإذا أمرتكم الخ" ونحوه لا يختص بالموجودين عند وروده بل فيه شمول لمن بعدهم لما هو معلوم من الدين بالضرورة إن هذه الشريعة عامة إلى يوم القيامة ثم الحديث موافق لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦] وأما قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فقيل منسوخ والأصح بل الصواب وبه جزم المحققون أنه مبين بالآية السابقة كما قاله المصنف وإنما يتم هذا على تصير حق تقاته باستفراغ

الوسع في القيام بامتثال الأوامر واجتناب المحارم وأما على المشهور من تفسيره بأن يذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر ويطاع فلا يعصى فلا وجه للنسخ فإن هذه لما نزلت تحرجت الصحابة رضي الله عنهم منها وقال أينا يطيق ذلك فنزلت تلك كذا في شرح الأربعين لابن حجر لكن في تفسير الجلالين {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، بأن يطاع فلا يعصى ويشكر فلا يكفر ويذكر فلا ينسى فقالوا يا رسول الله فمن يقدر على هذا فنسخ بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} اهـ، وفي تفسير ابن عطية قيل أنها منسوخة بقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقال آخرون لا نسخ بل الآيات متفقة فمعنى هذه {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فيما استطعتم وذلك إن حق تقاته بحسب الأوامر

<<  <  ج: ص:  >  >>