للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن ترك العمل لأجل الناس رياء، ولو فتح الإنسان عليه باب ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرق ظنونهم الباطلة لانسدَّ عليه أكثر أبواب الخير، وضيع على نفسه شيئاً عظيماً من مهمات الدين، وليس هذا طريقة العارفين.

ــ

لا يتركه باللسان لغفلة الجنان ففي الرسالة القشيرية سئل أبو عثمان المغربي نذكر الله ولا نجد في قلوبنا حلاوة فقال احمدوا الله عز وجل أن زين جارحة من جوارحكم بطاعته اهـ. وقال ابن عطاء الله في الحكم. لا تترك الذكر لعدم حضورك فيه مع الله لأن غفلتك عن ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور وما ذلك على الله بعزيز اهـ، ولا يتركه خشية العجب به بل يعمل ويستغفر الله إذا خاف نحو العجب ولا يترك العمل لذلك لما قال السهروردي إن ترك العمل لذلك من مكائد الشيطان وقد قدمنا في مبحث الإخلاص ما ينفع استحضاره هنا. قوله: (ترك العمل لأجل الناس رياء) تقدم تفسيره نقلاً عن الشعراني بأن معنى ترك العمل للناس تركه لعدم اطلاعهم عليه أي لا يحب العمل إلاَّ في محل يجده فيه الناس فإن لي يجده كسل عن العمل وحينئذٍ ففي العبارة مضافان محذوفان أي لأجل عدم اطلاعهم وقضية سياق المصنف له أنه على ظاهره من ترك العمل للناس أي خشية أن يظن به نحو رياء وذلك لأن ملاحظته لهم تشعر بأنه يرجو مدحهم ويخشى قدحهم وشأن الإخلاص التنزه عن كل ذلك. قوله: (ملاحظة الناس) الملاحظة مفاعلة من اللحظ وهو النظر باللحاظ بفتح اللام فيهما يقال لحظه ولحظ إليه أي نظر إليه بمؤخر العين واللحاظ بالفتح شق العين مما يلي الصدغ أما الذي يلي الأنف فالمؤق والمأق واللحاظ بالكسر مصدر لاحظته إذا راعيته والمراد هنا أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>