للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والقوة فعبر - صلى الله عليه وسلم - بأحد المتلازمين عن الآخر وكون النطق يعاد عند سلام المسلم ألا يلزم منه منعه منه فيما عدا ذلك وبه يرد ما يقال إن ظاهر هذا الجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - مع كونه حيًّا في البرزخ يمنع عنه النطق في بعض الأوقات ويرد عليه عند سلام المسلم عليه: لأن حال النطق عند فقد المسلم عليه، وإن كان لا يكون ذلك لعدم خلو زمن من مصل عليه - صلى الله عليه وسلم - في سائر الأقطار، مسكوت عنه لا أنه مجزوم بمنعه من النطق حينئذ حتى يقال أنه - صلى الله عليه وسلم - ممنوع من النطق بعض الأحيان وذلك ما لا يليق بعلي ذلك الشأن والله أعلم.

لا يقال الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ومن لازم صلاتهم نطقهم فكيف يرد النطق حينئذٍ لأنا نقول لا يلزم من الصلاة النطق العادي المتضمن لخطاب الآدمي قيل ونظير تأويل الروح بالنطق هنا تأويل الغين في أنه ليغان على قلبي فاستغفر الله قالوا ليس المراد وسوسة ولا ذنبًا وإن كان أصل الغين ما يغشى القلب ويغطيه إنما أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى ما يحصل له من نوع فترة عن دوام الشهود والذكر وما كلفه من أعباء الرسالة وأداء الأمانة فكان حينئذ يستغفر ليزداد علوًا وقربًا وشهودًا وحبًّا وقال بعض العارفين أنه غين أنوار لا غين أغيار أي أنه كان يغشى قلبه الشريف من أنوار الشهود والقرب ما يخرجه عن عاداته وهو المشار إليه بلي وقت لا يسعني فيه غير ربي فإذا زال عنه ذلك الاستغراق تجلت عليه مظاهر الجلال فخضع واستغفر، وقيل المراد بالروح النطق وبالرد الاستمرار من غير مفارقة بل كنى به عن مطلق الصيرورة ففي الحديث على هذا مجازان مجاز استعارة تبعية في لفظ رد ومجاز مرسل في

لفظ الروح وقال في تخريجه يمكن أن يؤول رد الروح بحضور الفكر كما قالوا في قوله يغان على قلبي والعلم عند الله اهـ. وأجاب البيهقي بأن معنى رد روحه عودها بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لرد سلام من يسلم عليه واستمرت في جسده الشريف لا أنها تعاد ثم تنزع ثم تعاد وقيل المراد ظاهره لكنه بدون نزع ولا مشقة وقيل المراد برد روحه الشريفة التفرغ من الشغل وفراغ البال مما هو بصدده في البرزخ من النظر في أعمال أمته والاستغفار لهم من السيئات والدعاء بكشف البلاء عنهم وقال بعضهم هذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم - عما بعد وفاته ورقي روحه الشريفة إلى أقصى درجاته فتعرض أمور أمته السارة له عليه كما يعرض على الملك أمور رعيته ولعل المعنى فيه كما في شرح المشكاة أي للطيبي أن روحه السعيدة المقدسة في شأن ما في الحضرة الإلهية فإذا بلغه سلام أحد من الأمة رد الله تعالى عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>