للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ مِنْ ضُرٍّ

ــ

وابن ماجة من طريق عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بلفظ لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به في الدنيا قلت ورواه ابن السني أيضًا قال الحافظ وأصل النهي عن تمني الموت مطلقًا ورد في عدة أحاديث في الصحيحين عن خباب بمعجمة وبموحدتين الأولى ثقيلة، لولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به وفي بعض طرقه إنه كان ابتلي في جسده وفي البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يتمنين أحد الموت إما محسنًا فلعله يزداد وإما مسيئًا فلعله يستعتب عن مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه إنه إذا مات انقطع عمله ولا يزيد المؤمن عمره إلَّا خيرًا وعند البزار من حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة وورد الدعاء المذكور

مجردًا عن التمني في حديث عمار أخرجه النسائي عن قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة قال صلى بنا عمار بن ياسر ثم قال لقد دعوت فيها بما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو به اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا علمت أن الوفاة خير إليّ وأما ما ذكره الشيخ من الاستثناء ففي الموطأ عن عمر لما قفل من الحج قال اللهم ضعفت قوتي وكبرت سنين وكثرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مقصر فما انسلخ الشهر حتى قتل فهذا أصل في جواز تمني الموت كمن خشي نقصًا في دينه اهـ. قلت وقد أخرج الحافظ حديث عمر المذكور من طريق آخر عن سعيد بن المسيب أن عمر لما نفر من مني أناخ بالبطحاء ثم كوم كومة فألقى عليها طرفًا من ردائه ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مفرط ولا مضيع فما انسلخ ذو الحجة حتى طعن وقال الحافظ أخرجه ابن سعد في الطبقات ويدل لما قاله المصنف قوله - صلى الله عليه وسلم - وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون. قوله: (مِنْ ضر) هو بضم الضاد المعجمة أي من أجل ضرر مالي أو بدني أصابه فإن تمني الموت لذلك يدل على الجزع من البلاء وعدم الرضا بالقضاء فقد يكون له في ذلك الضرر الدنيوي نفع أخروي من

<<  <  ج: ص:  >  >>