للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - على رجل يعوده، فقال: هَلْ تَشْتَهِي شَيئا؟ تَشْتَهِي كَعْكا؟

ــ

أصلح من هذا وعجبت للشيخ كيف أغفله وترجمته تقتضي ذكره عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد رجلًا من الأنصار فقال ما تشتهي قال أشتهي خبز بر فقام رجل فانطلق فجاء بكسرة من خبز بر فأطعمها النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه وقال إذا اشتهى مريض أحدكم شيئًا فليطعمه قال الحافظ بعد تخريجه وفي سنده ضعف إذ ابن هبيرة العقيلي لا يتابع عليه (١) ولا يعرف إلَّا به وأخرجه ابن ماجة وللحديث شاهد عن عمر أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض والكفارات لكنه موقوف ولفظه إذا اشتهى مريضكم الشيء فلا تحموه فلعل الله إنما شهاه ذلك ليحصل شفاؤه فيها اهـ. كلام الحافظ. قوله: (فَقَال هَلْ تَشْتَهِي شَيْئا) قال العلقمي في شرح الجامع الصغير قال الموفق عبد اللطيف هذا الحديث فيه حكمة طيبة تشهد بقانون شريف ذكره هي أن المريض إذا تناول ما يشتهيه وإن كان يضر قليلًا كان أنفع وأقل ضررا مما لا يشتهيه وإن كان نافعا ولا سيما إذا كان ما يشتهيه غذاء فإن المشتهى كثيرًا ما يكون فيه الشفاء عنده ولا سيما إن انبعث إليه النفس بصدق شهوة وصحة قوة ولا سيما إن كان غذاءً ملائمًا كالخبز والكعك فكلاهما جاء في الحديث ولا سيما إن كان صناعة الطب لا تنكره فطالما رأيت وسمعت مرضى يشتهون أشياء ينكرها الطبيب فيتناولها المريض فيعقبها الشفاء وما ذاك إلّا لعجز البشر عن علم كل ما في الطبيعة فينبغي للطبيب الكيس أن يجعل شهوة المريض من جملة أدلته على الطبيعة وما يهتدي به إلى طريق علاجها فسبحان المستأثر بعلم الغيب اهـ، ولا ينافي حديث الباب حديث علي رضي الله عنه لما أكل من الدوالي المعلقة من الرطب فنهاه - صلى الله عليه وسلم - كما في الشمائل وغيره لأن حديث الباب وما في معناه محمول على ما إذا اشتدت شهوة المريض ومالت الطبيعة لشيء وتناول منه القليل فلا مضرة حينئذٍ لتلقي المعدة والطبيعة لذلك الشيء بالقبول فصدق الشهوة والمحبة تدفع ضرره وما في حديث علي ليس كذلك لأن عليًّا كان يكثر من أكل تلك الفاكهة والإكثار منها مضر فلذا لم يأمره بالكفاف لما أكل منه يسيرًا ونهاه عن أن يأكل منه كثيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>