قُبِضَ تَبَعَهُ البَصَرُ"، فَضجَّ ناس من أهله، فقال: "لا تَدْعُوا على أنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَير، فإن المَلائِكَةَ
يُؤَمِّنُونَ على ما تَقُولُونَ"، ثم قال: "اللهُم اغْفِرْ لأبي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في
عَقِبِهِ في الغابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنا وَلَه يا رَبَّ العالمِينَ، وَافْسَحْ لهُ في قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ".
قلت: قولها: "شقَّ" هو بفتح الشين، و"بصره" برفع الراء فاعل شقَّ، هكذا الرواية فيه باتفاق الحفاظ وأهل الضبط. قال صاحب الأفعال:
ــ
شيء من بخارها الغريزي فيشخص به ناظرًا أي يذهب بها ولا بعد في هذا لأن حركته حينئذٍ قريبة من حركة المذبوح ويحكم على الإنسان مع وجودها بسائر أحكام الموتى اهـ. قوله:(فَضجّ) بالضاد المعجمة والجيم المشددة أي رفع الصوت بالبكاء وصاح. قوله:(لَا تدْعُوا عَلَى أَنفسِكم إلا بخير) قال المظهري أي لا تقولوا شرًّا ولا ويلًا أو الويل لي وما أشبه ذلك وهذا أولى مما قيل معناه لا تتكلموا في حق الميت بما لا يرضاه الله فيرجع تبعته عليكم فكأنهم دعوا على أنفسهم بدليل إنه قال بعده فإن الملائكة يؤمنون أي يقولون على دعائكم آمين ومعناه استجب فينبغي أن لا يكون الدعاء إلَّا بخير. قوله:(في المهدِيِّين) بتشديد الياء الأولى الذين هداهم الله للإسلام سابقًا والهجرة إلى خير الأنام عليه الصلاة والسلام لاحقًا وفي النهاية وقد استعمل من الأسماء حتى صار كالأسماء الغالبة. قوله:(وَأَخلفهُ) بهمزة الوصل وضم اللام من خلف يخلف إذا قام مقام غيره بعده في رعاية أمره وحفظ مصالحه أي كن خلفًا وخليفة له في عقبه بكسر القاف قال الطيبي أي في أولاده قيل والأظهر من يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره فلذا أبدل منه قوله في الغابرين حال من عقبه أي أوقع خلافتك في عقبه كائنين في جملة الباقين من النّاس.
قوله:(لنَا) يصح أن يكون النون لتعظيم ذاته الشريفة أوله ولغيره من الصحابة والأمة. قوله:(وافسحْ له في قبرِه) أي وسع له فيه دعاء بعدم الضغطة. قوله:(ونَوِّر له) أي في قبره أراد به رفع الظلمة. قوله:(شَقّ بصره الخ) قال السيد الشريف في حواشي المشكاة نقلًا عن الطيبي يقال شق بصره إذا نظر إلى شيء لا يرتد إليه طرفه. قوله:(بفتح الشينِ) قال المصنف والشين مفتوحة بلا خلاف قال الطيبي وضم الشين منه غير مختار. قوله:(وبصره برفع الراءِ الخ) قال المصنف وضبطه بعضهم بفتح الراء وهو صحيح أيضًا أي من حيث المعنى وإلا