آيَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ لَا يُخْسَفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحيَاتِهِ، فإذا رأيْتُمْ ذلكَ فادْعُوا الله تعالى وكَبِّرُوا وَتَصَدَّقُوا".
ــ
ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات فكسفت الشمس فقال النّاس إنما كسفت لموت إبراهيم فقال - صلى الله عليه وسلم - إن النّاس يزعمون أن الشمس والقمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم من العظماء وليس كذلك ثم قال وفي الحديث إبطال ما كان يعتقده أهل الجاهلية من تأثير الكواكب في الأرض من موت أو ضر فأعلم - صلى الله عليه وسلم - بطلان ذلك الاعتقاد وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة لهما على الدفع عن أنفسهما. قوله:(آيتَانِ) أي علامتان من آيات الله أي من العلامات الدالة على وحدانيته سبحانه أو على تخويف العباد من بأس الله وسطوته ويؤيده قوله تعالى: (وَمَا نُرسِلُ بِالآياتِ إلا تخويفًا)[الإسراء: ٥٩] قوله: (منْ آياتِ الله) الظرف وصف لقوله آيتان. قوله:(لا يُخسفَانِ) بالتذكير تغليبا للقمر. قوله:(ولا لحيَاتِه) استشكلت هذه الزيادة لأن السياق ما ورد إلَّا في حق من ظن إن ذلك لموت إبراهيم ولم يذكروا الحياة والجواب إن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من كونه سببًا للفقدان إن لا يكون سببًا للإيجاد فعمم الشارع النفي لدفع هذا الوهم لكن في شرح السنة زعم أهل الجاهلية أن كسوف الشمس والقمر يوجب حدوث تغير في العالم من موت وولادة وضرر وقحط ونقص ونحو ذلك فأعلم - صلى الله عليه وسلم - إن كل ذلك باطل اهـ، وعلى هذا فيكون قوله ولا لحياته بمعنى ولا لولادته ويكون فيه رد لما زعموه من أن ذلك يدل على موت حبر أو ولادة شرير وعلى هذا جرى في المرقاة في شرح المشكاة. قوله:(فإذَا رَأَيتمْ ذَلِكَ) أي فيما ذكر من خسوفهما أي إذا رأيتم كسوف كل منهما لاستحالة وقوع ذلكَ منهما في آن واحد عادة وإن كان ذلك جائزًا في القدرة الإلهية. قوله:(فادْعُوا الله) قال ابن مالك إنما أمر بالدعاء لأن النفوس عند مشاهدة ما هو خارق للعادة تكون معرضة عن الدنيا ومتوجهة لي الحضرة العليا فيكون أقرب إلى الإجابة اهـ، وفي المرقاة فادعوا الله اعبدوه بأفضل العبادات الصلاة والأمر للاستحباب عند الجمهور قوله:(وكَبروا) أي عظموا الرب وقولوا الله أكبر فإنه يطفي غضب الرب. قوله:(وتَصدَّقوا) أي بأنواع الإحسان على الفقراء والمساكين ففيه إشارة إلى أن الأغنياء والمتنعمين هم المقصودون بالتخويف من بين العالمين لكونهم غالبًا للمعاصي