للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مريدًا أن النوءَ هو الموجِد والفاعِل المحدِث للمطر، صار كافرًا مرتدًا بلا شك، وإن قاله مريدًا أنه علامة لنزول المطر، فينزل المطر عند هذه العلامة، ونزوله بفعل الله تعالى وخلقه سبحانه، لم يكفر. واختلفوا في كراهته، والمختار أنه مكروه،

ــ

من أراد المنازل القمريات ... مسامع تهنئ الآذان

شريطين أتى بها بطين ... والثريا كذاك مع دبران

هقعة الهنعة الذراع أتانا ... نثره الطرف جهة الإنسان

دبرة الصرفة الصحيب لعوا ... وسماك بغفره وزبان

وثم إكليل قلبه مع شول ... ونعائم وبلدة بعيان

سعد ذبح كذاك سعد بلوع ... وسعود ومخبر بمكان

والرشا هو عندهم قد سمي ... بطن حوت فعدها بتوان

قوله: (ويريدَ أَنَّ النوءَ هُو المُوجِدُ) أي كما كان بعض أهل الجاهلية يزعم. قوله: (صَارَ كافرًا

مرتدًّا) أي وعليه عمل أهل الحديث إن أريد بالكفر الكفر السالب لأصل الإيمان المخرج عن ملة الإسلام وهذا التأويل ذهب إليه جماهير العلماء والشافعي وهو ظاهر الحديث أما إذا أريد بالكفر في الخبر كفران النعم فلا يختص بما أول عليه الخبر على الوجه الأول بل يعم من قال ذلك واعتقاده أن الله هو الفاعل المختار وأن هذا النوء وقته لذلك معتادًا لا دخل له في الإيجاد ووجه دخوله اقتصاره على إضافة الغيث إلى الكواكب في اللفظ وترك الموجد في الحقيقة فقد ستر نعمة الله في مقاله وظلم بنسبته الفعل لغير المنعم بها قاله المصنف في شرح مسلم ويؤيد هذا الوجه رواية أصبح من النّاس شاكر وكافر، ورواية ما أنعمت على عبادي من نعمة إلَّا أصبح فريق منهم بها كافرين فقوله بها على أنه كفر بالنعمة والله أعلم اهـ. قوله: (والمختَارُ أَنهُ مكرُوه) الذي جرى عليه القرطبي أن ذلك حرام قال لأنه تشبه بأهل الكفر في قولهم وذلك لا يجوز لأنا قد أمرنا بمخالفتهم ومنعنا تعالى من التشبه بهم في النطق بقوله لا تقولوا راعنا لما كان اليهود يقولون تلك الكلمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - يقصدون بها رعونته منعنا من إطلاقها وقولها وإن قصدنا بها الخير سدًّا للذريعة ومنعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>